طفل لم يبق لديه إلا بضعة أشهر من الحياة، يروي قصة أيامه الأخيرة…

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

أمراض الجهاز العصبي

لِماري أكسيل وبينوا كليرمون صبيّ صغير اسمه غاسبار مصاب باضطراب دماغي انتكاسي يُدعى مرض ساندهوف. لم يتبقَّ عنده سوى بضعة أشهر ليعيش فقرّر والداه أن يشاركا إحباطهما أمام هذا العجز الكبير على الفيسبوك.

مواجهةً لمرض ابنها قرّرت العائلة أن تشارك معركته. يعاني ابنها غاسبار البالغ من العمر سنتين ونصف من مرض ساندهوف وسيموت بسببه. في هذه الصفحة المُعَنوَنة “غاسبار بين الأرض والسماء” يخبران كيف غيّر المرض حياتهم.

“وُلِد غاسبار يوم 30 آب/أغسطس 2013 بالقرب من مدينة رين. لديه أخ كبير في التاسعة من العمر وشقيقتان كبيرتان في السابعة والرابعة والنصف من العمر (فكلّ شهر مهمّ بالنسبة إلينا!). في تاريخ 29 أيلول/سبتمبر 2014 شُخِّص عنده مرض ساندهوف. يُتَرجَم هذا المرض بانتكاس الجهاز العصبي المركزي. نسبة إنتشار هذه الحالة في أوروبا هي حوالى 1 من 130000.

يؤدّي هذا المرض إلى ظهور هزّات خوف لا متناهية عند سماع ضجيج وعمى مبكر وتدهور حركيّ وذهني متدرّج. هناك عوارض أخرى أيضًا كالوجه الطفولي (لهذا السبب هو جميل جدًا!) وأمراض تنفّسيّة متكرّرة. يكون النموّ طبيعيًا في الأشهر الثلاثة أو الستّة الأولى ولكن سرعان ما يظهر المرض ويتطوّر.

ما من علاج خاصّ لهذا المرض وتشخيصه مبهم وأمد الحياة نادرًا ما يتخطّى 4 سنوات.”
وحدّدت ماري أكسيل:” لم يعد يرى وخفّ سمعه. نحاول أن نغير طريقة تواصلنا معه.”

“مرحبًا أنا غاسبار.
بما أن أمي وأبي يحبّان كثيرًا قراءة القصص الجميلة لي ارتأيا أنني قد أتمكّن من رواية قصّتي. وبما أني انضباطي (أبي عسكريّ إذًا فالوضع في المنزل هو : إنتبهوا يا شباب يجب أن تطيعوا!) فقد تعديت السنتَين… بل 30 شهرًا بالتحديد. نعم هذا غريب بعض الشيء ولكن عندنا نعدّ الأشهر. وستفهمون السبب بسرعة.

عندما وُلِدتُ كان كلّ شيء يسير على ما يُرام. كان شقيقي الكبير وشقيقتاي الكبيرتان يأتون لرؤيتي في العيادة باستمرار وكانوا يضمّونني كثيرًا. التقطنا الكثير من الصور كما لو كنتُ نجمًا من نجوم السينما. وفي غضون أسبوع عدنا كلّنا إلى المنزل. استغرقتُ بعض الوقت لأنام في الليل ولكن فقط من أجل إزعاجهم.

لكثرة ما راقبتني أمّي على بساط اللعب لاحظت أمرًا غريبًا. لم أكن أستطيع أن أبقى جالسًا ولم أكن أتكلّم جيّدًا بينما أشقّائي في العمر نفسه كانوا أفضل منّي. ولكن في المقابل كنتُ أعشق المُزاح وهذا ما كان يُضحِك أبي وهو مستمع جيّد لي. وعندما بلغتُ شهري الحادي عشر ذهبنا لزيارة طبيب أعصاب ليطمئنّا.

تبيّن أن أمّي كالعادة محقّة وأن أبي الذي لطالما كان يقول لها “لا تقلقي سيأخذ وقته هذا الصغير” قد أخطأ مجدّدًا. فسّر لنا الطبيب أني أعاني من مرض وراثي نادر جدًا جدًا. إسم المرض ساندهوف. والأكثر إزعاجًا في هذا المرض هو أنه لا يوجد أي دواء لمعالجته وأنه لم يتبقَّ لديّ وقت طويل في هذه الدنيا. إنه اضطراب دماغي إنتكاسي.

يوم علم أبي وأمّي بالخبر تفاجأ أبي بعض الشيء أما أمي فكانت متوقّعة لأن قلب الأم دليلها. كان عليها أن تبذل الكثير من الطاقة لكي يعود أبي إلى القمّة. وبما أنها تتمتّع بقدرات خارقة نجحت بذلك. بالطبع أحيانًا على الرغم من أنني لم أعد قادرًا على الرؤية جيّدًا أشعر بأن هذا صعب عليهم. لا سيّما عندما أكون في المستشفى. لجعل الأمر أصعب عليهما، حظيتُ عند ولادتي بأجمل عينَين في العالم، عينان كبيرتان زرقاوان ورموش أجمل من رموش سكارلت جوهانسون (أبي يعشق سكارلت). لذا بما أنني اليوم لم أعد قادرًا على المزاح ولا الكلام ولا الأكل من فمي ولا النظر، فأنا أغمزهم آلاف المرّات. تقول أمي دائمًا إن الناس يستطيعون رؤية جمال روحي عبر عينيّ. كم هي شاعرة أمي أليس كذلك؟

إذًا اليوم أنا في الشهر الثلاثين من العمر. هل فهمتم الآن لماذا نعدّ الأشهر عندنا؟
أمي وأبي وإخوتي الثلاثة محظوظون: فالخمسة يتمتّعون بقدرات سحريّة ليمنحوني حياة أحلامي. لذا أنا أستفيد من آلاف القبل في اليوم بين جلسات التمارين مع المعالج الفيزيائي. والأهم من كل شيء هو أني أشعر بأن الجميع يحبّني وأن قدومي إلى هذه الدنيا هديّة لكي تكبر عائلتنا بالحب والبساطة. يقول أبي إننا “محظوظون بالعيش في التطرّف حتّى”! إنه مجنون تمامًا! وحتى لو كانت رحلتي قصيرة جداً لكن ما أعيشه مع عائلتي غني جدًا!

المشكلة الوحيدة هي أنني أشعر دائماً بأنني سأصعد إلى السماء قبلهم وهذا يزعجني بعض الشيء لأن في العادة عليهم هم أن يسبقوني يومًا إلى الغيوم وأن ينتظرونني. وللتعويض عن هذه المشكلة أقوم بجهود كثيرة كلّ يوم ليكونوا فخورين بي. أصارع نفسي كلّ يوم لكي أسعل أو أبتلع أو أتنفّس جيّدًا وكيلا ألتقط الرشح أو الجراثيم أو لكي أنام جيّدًا. وأظنّ أن الأمر ينجح. ينظرون إليّ بابتسامة عريضة وإن شعرت أحيانًا بأن الدموع تتساقط من أعينهم.

على أي حال أنا متأكّد تمامًا من أنّهم يعلمون أنه يومًا ما سنجتمع كلّنا فوق. من دون مرض ولا إعاقة وإلى الأبد.”
غاسبار

هذا فيديو يشرح الامراض الوراثية

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

التعليقات مغلقة.