التجاهل والتلفاز

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d9%87%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%b2قد يكون التلفزيون جليس أطفال فعالاً لأن الأولاد يجلسون ساعات، منوّمين مغناطيسياً أمام هذه الآلة، حيث لا يسببون أي مشكلة أو أذى ويبقى كل شيء نظيفاً وهادئاً ويبقون آمنين جسدياً أيضاً.نجد الأهل يعتمدون أكثر فأكثر على التلفزيون سامحين لأنفسهم بالانصراف إلى أعمالهم بدون القلق على أبنائهم. ما هو ثمن الاعتماد على التلفزيون لإبقاء أبنائنا ملهيين؟

علينا النظر إلى المستقبل لنعي العواقب البعيدة المدى لأفعالنا وخياراتنا. ما قد يكون مستحسناً على المدى القريب، قد يكون له نتائج سلبية لاحقاً. وهذا هو الحال بالنسبة للتلفزيون عندما نستعمله كجليس للأطفال.

الواقع أن ترك الولد منسياً أمام شاشة التلفزيون أشبه بتركه في الحديقة العامة وحده. قد تفكر الآن: «آه! لا، لا يمكن أن أترك ابني وحده في الحديقة العامة أبداً. فذلك خطر»، ولكن هل فكرت عندما تتركه أمام التلفزيون، أنه يصغي إلى الغرباء ملتقطاً ومؤمناً بكل ما يقولونه؟ فلأنه لا يملك القدرة على الحكم أو البصيرة، يعتبر كل ما يراه على الشاشة حقيقياً. هذا يشرح لماذا يخاف أن ينام بعد مشاهدة أشياء ليس مستعداً بعد إلى مشاهدتها. أنت لا تعطي الرضيع الحديث الولادة اللحم لأنه لا يملك بعد الأنزيمات لهضمه، والطفل لا يملك الأنزيمات العاطفية ليهضم كل ما يراه على التلفزيون: من عدائية وعنف واغتصاب وجنس، الخ.

عندما نترك الولد منسياً أمام التلفزيون فإننا بذلك نتجاهله. وإذا ظننا أننا لن ندفع الثمن فنحن مخطئون. الثمن هو براءة الطفل وشعوره بالأمان وسعادته. وحينما يتخلى الأطفال عن براءتهم، يصبحون خائفين، ناضجين قبل أوانهم، ويشعرون بالمرارة. ويصبح بعضهم الآخر مكتئبين، غير قادرين على القبول بأن يكبروا ليسكنوا في عالم مخيف كهذا.

أخبرتني إحدى الجدات أنها كانت مصدومة وأنها لم تعرف ماذا تقول لحفيدها بريان الذي كان يلعب مع ابن عمه توني وهما ولدان في الخامسة من العمر.

«جدتي، توني يقول إن هناك أمهات شريرات يقتلن أولادهن». «أين سمعت ذلك؟». «على التلفزيون، هذا الصباح»

أنا أطالبك بإلحاح أن تعيد التفكير في المرة التالية التي تفكر فيها باللجوء إلى هذه الطريقة السهلة. وبدل ذلك اختر بانتباه ما سيشاهده طفلك وحدد وقت المشاهدة ولا تخش أن تقول «لا» عندما ترى أن البرنامج غير مناسب له. من الأفضل أن يملأ البيت بالضجة وأن يكون مفعماً بالحيوية على أن يكون سلبياً، خاضعاً،هادئاً كالأموات.

إذا بذلت جهداً لتكون موجوداً في حياة طفلك اليوم، فأنت ستحضّره لملاقاة المستقبل قوياً، واثقاً من نفسه.

المصدر:كتاب: هل نربي أولادنا أم نفسدهم – دار الفراشة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

التعليقات مغلقة.