لهذا يتحسن سلوك الأولاد في غياب أمهم… سيعجب هذا كل الأمهات !

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ما يُفسّر، إلى حدّ كبير، الفرق بين تصرّفات أطفالنا في وجودنا وفي غيابنا هي نظريّة التعلّق التي وضعها العالم الطبيب والمحلّل النفسي جون بولبي في العام 1978. سأحاول اختصار جوهر الموضوع في هذا المقال من آي فراشة (وأؤكّد لك أنه لن يكون مملًا كما يبدو).

نظريّة التعلّق والشخص الرئيسي المتعلَّق به

المبدأ الأساسي هو أن الطفل الصغير بحاجة إلى تطوير علاقة تعلّق على الأقلّ مع شخص واحد يعتني به بشكل متواصل ومستمرّ من أجل أن يطوّر نفسه اجتماعيًا وعاطفيًا بشكل طبيعي، وهذا الشخص هو الشخص الرئيسي الذي يتعلّق به الطفل: هو من يعتني ويهتمّ به بشكل متميّز ومستقرّ على الأقلّ لعدّة أشهر خلال الفترة التي تمتدّ من عمر ستّة أشهر إلى حوالى السنتين من عمره. يغذّي الشخص المُتَعَلَّق به الشعور بالأمان الداخلي عند الطفل من خلال وجوده الدائم إلى جانبه ومنحه السعادة والراحة والملجأ ومختلف أنواع العناية والحنان والأوقات المشتركة والاستجابة إلى حاجاته. وكلّما غذّى هذا الشخص هذه العلاقة كلّما ملأ المستودع العاطفي عند الطفل…وبالتالي تتطوّر مهاراته العاطفية والاجتماعية والعقليّة أكثر.

على الرغم من تدخّل الأب أكثر فأكثر تبقى الأمّ الشخص الرئيسي الذي يتعلّق به الطفل

بالطبع يمكن للطفل أن يتعلّق بعدّة أشخاص ( مع أنه يجب ألّا يكون الأشخاص الذين يعتنون به كثيرين) ولكن لا بدّ من وجود شخص رئيسي آخر يتعلّق به الطفل وتكون مرتبته فوق الناس الآخرين فيعطيه الأولوية. في أيامنا هذه غالبًا ما يكون الوالدان هما الشخصَين اللذين يتعلّق بهما الطفل ولكن يبقى أحدهما الشخص الرئيسي المُتَعَلَّق به بحسب من منهما يهتمّ بالطفل أكثر ويبقى معه بشكل دائم.

بعد سنتَين يصبح الطفل قادرًا على استخدام الشخص أو الأشخاص الذي يتعلّق بهم كقاعدة أمن يكتشف من خلالها العالم، إذًا ترتكز نظريّة التعلّق على الفكرة القائلة: لكي يتمكّن الطفل من أن يصبح مستقلاً وقادرًا على الاستقلال بطريقة سليمة وآمنة يجب أن يكون متعلّقًا بشدّة من قبل. وعندما تُلَبّى حاجات التعلّق يستطيع الطفل أن يبتعد بكلّ أمان عن الشخص الذي تعلّق به لكي يكتشف العالم الذي يحيط به. ومن هنا تأتي فكرة أن الأمومة القريبة والاستجابة الفورية لبكاء الأولاد ورفض الأم لاستقلال طفلها المبكر في السنتين الأوّلين من عمره بعيدة كلّ البعد عن عرقلة استقلالية الطفل المستقبلية بل تحضّره لها بالطريقة المثلى.

السلوك مع الشخص المُتَعلَق به

إنه ردّ فعل لاإرادي قديم تتمتّع به كافة فصائل الثديّيات: عدم التعبير عن ضيقها في مكان عدائي أو غريب تحت طائلة أن تجعل من نفسها ضعيفة. وحافظ الأطفال والأولاد الصغار على هذا الفعل اللاإرادي القديم: ففي غياب الشخص الذي تعلّقوا به لا يتجرأون على التعبير بصورة كاملة عن توتّرهم وحزنهم وضيقهم.

بالتالي بعد يوم من الحضانة (في دار الحضانة أو عند الجدّة أو مع المربّية إلخ) يجمّع الطفل توتّراته الناجمة عن كلّ ما يعيشه طوال اليوم (الاكتشافات ووسائل التعلّم الغنيّة جدًا في عمره والخيبات والإحباطات المختلفة والتعب وافتقاد الوالدَين والتحفيزات المكثّفة…) فلا يسمح لنفسه أن يعبّر عنها إلّا بوجود الشخص الرئيسي الذي تعلّق به فهو الذي يضمن له أقصى حدّ من الأمان. ما من أحد إلّا الشخص الذي تعلّق به يستمرّ بحبّه من دون شروط رغم بكائه وعناده وصراخه وتدحرجه على الأرض وتصرّفاته التي تصبح شيطانية بكلّ ما للكلمة من معنى…وعلى الرغم من إفراغه ما في داخله.

بشكل عام يُتَرجَم ذلك بنوبات البكاء بسبب أبسط الأمور

(مثلًا في عربة الأطفال لدى الخروج من دار الحضانة أو عند انتظار العشاء قليلًا) أو حتى البكاء من دون سبب… في الحقيقة هذا التصرّف ليس إلّا محفّزاً وحجّة من أجل تنفيس الضغوطات التي يعاني منها. ويذكّرنا هذا الأمر قليلًا ببكاء الطفل الرضيع في المساء من أجل إفراغ غضبه. في تلك اللحظات يجب أن تعرفي كونكِ أمًّا كيف تتناسين الحجّة المحفّزة وأن تملأي مستودع الحب من خلال لحظات الحنان والانتباه الحصري. هذا صعب لأنه عندما يسيء أولادنا التصرّف نحاول أن نصلح الأمور وأن نقسو عليهم…أو نبتعد ونقطع العلاقة بيننا لأننا أحرجنا أو غضبنا إلّا أن ما يحتاج إليه الطفل هو العكس تمامًا. يحتاج إلى عناق كبير أو لعبة أو إصغاء أو حنان…هذا ما يحتاج إليه أولادنا في الحقيقة في تلك اللحظات.

حتى لو اعتبر طفلكم مربّيته أو جدّته شخصًا تعلّق به لأنهما تعتنيان به دائمًا، ستحصل ظاهرة التفريغ هذه دائمًا (بالطبع بشكل أقلّ حدّة) لدى اجتماعه مع أمّه، الشخص الرئيسي الذي يتعلّق به الطفل. نرى أيضًا هذا الأمر بين الأزواج لا سيّما عندما يكون اهتمام الأب بأولاده قليلًا أو أقلّ من اهتمام أمه وعندما يعتني الأب بهم يوم تغيب الأم تجري الأمور على خير ما يرام. من الصعب على الأم أن تسمع من زوجها جملة “جرى كل شيء بألف خير معي!”.

ليس من السهل أن تعيش الأم مع هذا الشعور حين يترك لها ابنها ما هو أسوأ ويعطي الأفضل للآخرين، ولكن هذه شهادة عن شعوره بالأمان معها لذا عليها أن تتحمّله.
ملاحظة: أعطي هذا المقال الذي قدمناه لك من ifarasha للشخص الذي سيهتمّ بصغيركِ لبعض الوقت لكي يقرأه.

إقرأ أيضاً: لماذا يكون طفلكم صعب الإرضاء معكم بينما لا يكون كذلك مع الآخرين

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

التعليقات مغلقة.