لماذا عليكم أن تخففوا من أكل السمك ؟
اليوم، سنخبركم العديد من الاخبار السيئة.
أكل السمك: إذا كانت معنوياتكم في الحضيض، ضعوا هذه المقالة جانباً واقرأوها فيما بعد (ولكن لا تتأخروا كثيراً أيضاً، صحتكم على المحك هنا !)
كنت أودّ أن أطمئنكم فيما يتعلق بالسمك…وأشجعكم على الإستفادة بدون حدود من البروتينات الممتازة والأوميغا 3 الموجودة فيه، ومن فيتاميناته ومعادنه.
ولكن الحقيقة هي أن السمك أصبح من أكثر الأطعمة تلوثاً على الإطلاق.
نعرف سلفاً أن طرحنا لن يعجب الكثير من الناس. أولئك الذين سيقرأوننا بسرعة كبيرة سيقولون إننا “نبالغ كثيراً” وإننا “متشائمون”. سيضيفون “لن نعود نأكل شيئاً بسببكم” (وهذا خطأ! اقرأوا جيداً، سنخبركم أي أسماك تستطيعون تناولها، وبأي معدل).
ولكن الوقت أصبح ملحاً الآن أكثر من أي وقت آخر لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالسمك:
- نحن مدينون بقول الحقيقة للأولاد والمراهقين، الذين قد يصابون بمرض السكري في عمر 40 سنة، ببساطة لأنهم يأكلون الكثير من السمك، معتقدين أن هذا الطعام صحي ولا مثيل له؛
- ونحن مدينون بقول الحقيقة للنساء الحوامل، لأن الاولاد قد يتضررون بشكل لا رجعة فيه، وحتى يصبحون معاقين نتيجة السموم الموجودة في أغلب الأسماك؛
- نحن مدينون بقول الحقيقة لذوي الصحة الضعيفة: بالنسبة لهم، حتى جرعة ضئيلة من المعادن الثقيلة والملوثات الموجودة في السمك، ستجعلهم يعانون أكثر بكثير (اختلال هورموني، مرض ذاتي المناعة، وحتى سرطان)؛
- ونحن مدينون بالحقيقة لأولئك الذين ينوون أن يعيشوا شيخوختهم، بدون ألزهايمر ولا أي مرض مزمن، ولهذا من الأفضل أن نحمي أنفسنا من السموم التي تتراكم في جسمنا على مر السنين، ببطء ولكن بشكل مؤكد…
- هذه الحقيقة عن السمك ليست “مخفية”. مقالتنا هذه تستند إلى دراسات علمية منشورة في مراجع علمية.
المشكلة أن المعلومات حول هذا الموضوع مثل قطع بازل في حالة فوضى: إنها مشتتة، غامضة، وقد تبدو متناقضة.
استغرق منا التحقق من حجم الكارثة الكثير من الوقت (وخصوصاً أننا نعشق السمك!). لكن عندما تجمعون كل العناصر، تظهر اللوحة بوضوح مقلق.
لنكتشف معاً، خطوة خطوة.
رقصة الإنتحار الغريبة لقطط ميناماتا.. بدأ كل شيء سنة 1950 في ميناماتا، المدينة الساحلية الصغيرة جنوب اليابان.
كان السكان شهوداً على مشهد مدهش. أولاً، بدأت الأسماك الميتة ترتمي على الشاطئ. ثم عجزت طيور النورس والغربان عن الطيران.
فيما بعد، أصيبت القطط بتشنجات. والكثير منها انخرط في رقصة مروعة قادتها مباشرة إلى البحر، إلى الانتحار.
في أيار 1956، نُقل أربع من سكان ميناماتا إلى المستشفى مصابين باضطرابات محيرة : فقدان القدرة على النطق، تشنجات، هلوسات، عدم القدرة على المشي، غيبوبة. ومات الأربعة. وتبعهم بعدها المئات من السكان الآخرين في ميناماتا وقرى الصيد المجاورة.
اكتشف اليابانيون في النهاية مصنعاً محلياً كبيراً كان يرمي في البحر كميات كبيرة من الزئبق. هذا الزئبق كانت تبتلعه الأسماك، وينتهي بنقل التلوث إلى الحيوانات ثم البشر.
حسب الأرقام الرسمية، مات 900 شخص، واعتبر 2265 شخص ضحايا للتسمم بالزئبق مع مضاعفات مرعبة.
بعض النساء لم تظهر عليهن أي أعراض… لكنهن أنجبن أطفالاً معاقين بشكل خطير.
إنها إحدى أخطر الكوارث البيئية والصحية في التاريخ. نخشى أننا بصدد أن نعيد تكرارها، ولكن على صعيد أصغر.
تقريباً كل الأسماك ملوثة بالزئبق
لن تجدوا طبعاً في الأسواق أسماكاً ملوثة مثل أسماك ميناماتا، لحسن الحظ! لكن هذا لا يعني أنها غير ضارة.
كل الأسماك، بدون استثناء، تحتوي على الزئبق. جزئياً لأسباب طبيعية: هناك دائماً القليل من الزئبق في أعماق البحار والمحيطات.
ولكن لأن الإنسان بالذات لوّث المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار منذ أكثر من قرن. استناداً إلى علماء برنامج GEOTRACES فإن تركيز الزئبق في المحيطات تضاعف ثلاث مرات منذ الثورة الصناعية.
المشكلة خصوصاً ناتجة عن مصانع الفحم ومحارق النفايات: الزئبق الذي يتصاعد في الهواء يعود إلى التساقط على الأرض…وفي أعماق البحار. فتمتصه عندها العوالق والطحالب الصغيرة في أعماق البحار. ثم تأكلها الأسماك الصغيرة التي يتراكم هذا الزئبق في دهونها والتي تأكلها بدورها الاسماك المفترسة الكبيرة والتي يتركز فيها أكبر قدر من الزئبق.
تصنيف “الزئبق” : انتبهوا للأسماك المفترسة!
مستوى التسمم بالزئبق متفاوت جداً بحسب الأسماك.
هناك أيضاً فرق كبير بحسب مكان الصيد. لكن لكي نعطيكم فكرة عامة، نقدّم لكم حاصل تصنيف وكالات الصحة الأميركية، الكندية والأوروبية.
الأسماك الملوثة بشكل خطير جداً: سمك القرش وسمك أبو سيف؛
الأسماك الملوثة بشكل مرتفع: التونة الحمراء، تونة ألباكور yellowfin tuna، المارلن، وبدرجة أقل؛ التونة البيضاء، الهامور والنازلي.
والأسماك الملوثة كثيراً: التونة المعلبة الشاحبة اللون، سمك الذئب، البربوط، الكراكي، الحنكليس، الأبراميس (الفريدي)، الشفنين.
الأسماك الملوثة بشكل معتدل: السلمون المرقط (التروتة)، الرنكة، أغلب أنواع السلمون، سمك الأبيض merlan، سمك موسى، سمك القد، سرطان البحر؛
الأسماك الملوثة قليلاً: السردين، الأنشوفة، الأسقمري (الماكريل)، سلمون الألاسكا البري، المحار؛
منتجات بحرية غير ملوثة أبداً تقريباً: الصدفيات، الرخويات، الجمبري (القريدس).
انتباه: نفضّل أن ننبهكم حالاً إلى أن بعض هذه الأسماك تحتوي ملوّثات أخرى خطرة (ال PCB خصوصاً، الذي سنكلمكم عنه فيما بعد).
لكن إذا ركزنا فقط على تلوّث الأسماك بالزئبق، يبدو واضحاً أنه:
يجب أن لا تأكلوا أبداً القرش، سمك أبو سيف، التونة الحمراء، تونة ألباكور، المارلن : يجب بكل بساطة سحبها من الأسواق، بما أنها تضم أنواعاً معرضة لخطر الانقراض وعلينا حمايتها.
ليس هناك سبب مقنع للمخاطرة باستهلاك: التونة، الهامور، النازلي، الباس، سمك الراهب، الفريدي (الأبراميس)، الشفنين (إلا في المناسبات)، وبدرجة أقل الأنكليس والكراكي؛
يجب أن تحدّوا من استهلاك التروتة (الترويت)، سرطان البحر، الرنكة، السلمون (ما عدا الألاسكا)، الميرلن، البياض، سمك موسى والقدّ.
لأنه لا أحد يعرف ابتداءً من أي جرعة بالضبط يصبح الزئبق ساماً…في حال الشك، من الأفضل أن نتجنبه قدر الإمكان!
التعليقات مغلقة.