هل يختلف مفهوم السعادة بحسب عمر الإنسان؟
علاقة السعادة بالعمر
السعادة هي ذلك الشعور البعيد المنال الذي نطارده دوما،ً ونعرف أنه رفيق مؤقت. السؤال عما يمكن أن يجعلنا سعداء هو سؤال فلسفي أكثر منه عملي، ولكن لا يزال العلم يحاول تحديد الطريقة المثلى لبلوغ تلك النشوة الإنسانية. فما الذي يجعلكم سعداء وهل يمكن لأسباب السعادة أن تختلف بحسب العمر؟
في سلسلة من التحقيقات التي أجريت مؤخراً تمّ التوصّل إلى استنتاجات مختلفة عن السعادة، وأهمها هو أن المال والسعادة يمكن أن يكونا على علاقة ببعضهما بقدر ما يمكن استخدام المال لعيش تجارب الحياة الإيجابية التي ينتج عنها الإحساس بالسعادة. مثلاً بدل أن تنفق المكافأة المالية التي حصلت عليها في العمل لشراء قطعة أثاث أو ثياب جديدة من الأفضل أن تنفقه لقضاء عطلة مع عائلتك، أو القيام برحلة سياحيّة.
الكلّ يسعى وراء المال للحصول على الممتلكات الماديّة علّها تجلب السعادة في حين أنه ينبغي السعي إلى اكتساب الخبرات للتمتّع بقدر أكبر من السعادة. لكن التجارب التي ينتج عنها الإحساس بالسعادة تختلف مع عمر الشخص.
كلما كان المستقبل المنظور أقصر كلما أثرّ في نظرتك للأمور
في ثماني دراسات منفصلة، قارن الباحثون تأثير الأحداث اليومية العادية والأحداث الكبرى على إحساس الفرد بالسعادة. وتمّت المقارنة بين أمور عاديّة يوميّة مثل أن يحتضنك الحبيب على الأريكة وأنتما تشاهدان فيلماً معاً أو أن تحتضنك أمّك أو أبوك، أن تركب الدراجة الهوائية في يوم جميل، أو أن تحادث صديقاً مقرّباً، وأحداث تحصل مرّة في الحياة كالسفر لحضور حفل موسيقيّ، الغطس في البحر الكاريبي، الزواج..
وقد تبيّن أن الأحداث الاستثنائية تدعم المزاج وتزيد منسوب السعادة، بغض النظر عن عمر شخص، في حين أن الأحداث العادية أقل تأثيراً في الشباب. يبدو أن القدرة على رؤية الجمال والإحساس بالسعادة في تفاصيل الحياة اليومية البسيطة تنمو مع تقدمنا ??في العمر.
ويعزو معدّو الدراسة النتائج التي توصلوا إليها إلى الاختلافات في كيفية تعريف الناس لأنفسهم خلال مراحل مختلفة من حياتهم، فالتعريف الذاتي ينعكس على النتائج. التجارب غير العادية في جميع مراحل الحياة تساعد على تحديد الإنسان لهويته، لكن يبدو أنه مع التقدّم في السنّ يكتشف الإنسان نفسه أكثر فأكثر ويبدأ بالاستمتاع بالتفاصيل اليومية الصغيرة التي تصبح مصدر سعادته الأول.
وفقا للدراسات، يتبيّن أنه عندما نكون في عمر الشباب يبدو أن حياتنا تمتدّ أمامنا، ونميل إلى التجارب الجديدة والمثيرة. لكن مع مرور الوقت وتناقص الوقت المتوفّر لنا في الحياة نجد سعادة ورضا أكبر في التجارب التي تعزز الهدوء والسلام.
التعليقات مغلقة.