لماذا نقضي حياتنا في الهروب من الحب؟ – فلاديمير جيكارنتسيف

الهروب من الحب

ماذا يفعل الإنسان ليبدأ الشعور بحياته؟ إنه ينفصل عن الأم عند ولادته، ثم تستمر عملية الانفصال بلا توقف. في البداية ينفصل عن الجنس الآخر، ثم يخلق الأنا الذي يواجه بقية العالم. فالإنسان ليحافظ على نفسه وعلى الأنا الخاص به، يفصل نفسه طوال الوقت ويواجه. ولكن… إن كل انفصال لك يقود إلى الشعور بالذنب، وينتج أن ذنباً يتراكم فوق ذنب وهكذا…

ماذا يفعل الإنسان ليبقى حياً؟ ينفصل عن البرد وعن الحر كي لا يمرض. وليحافظ على حياته في حالة المرض، يخضع لعملية جراحية، يستأصلون له أثناءها الأعضاء المريضة. بينما، في الحقيقة، أن هذه الأعضاء تؤلمه لأنه فصل نفسه عنها منذ زمن في عقله ووضعها في مواجهته. لماذا؟ لأنها تحتوي على الحركة والقوة اللتين يرفضهما. مثال على ذلك، الأعضاء الجنسية.

للمحافظة على ثروته، يقوم الإنسان بفصل نفسه عن المال ويودعه في المصرف. فيصبح هو متواجداً في الجهة المقابلة. ولكي يحافظ على أملاكه، يقوم بحجب نفسه عن العالم الخارجي بجدران سميكة، فيصبح هو وكنوزه في جهة، والعالم الذي هو مكان الوفرة والحياة في جهة أخرى.

لكي تحفظ المرأة ماء وجهها ولا تكسب سمعة الفاجرة، ترفض قرب الرجل وتنعزل عنه. وتصبح هي وماء وجهها في جهة واحدة مع باقي النساء المحترمات، بينما الرجل وما تريده منه في الجهة الأخرى، فيستحيل عليها الحصول على ما تريد.

لكي لا يتعرض الإنسان للخيانة، يتجنب الوقوع في الحب. وأكثر ما يحتاجه الإنسان في الدنيا هو المشاعر، ولكنه يضعها خلف جدار يستحيل إخراجها من ورائه. فتصبح المشاعر في وادٍ والإنسان الخالي من المشاعر في وادٍ.

إن أفضل طريقة للانعزال عن شيء ما والتوقف عن أن تكون شيئاً ما أو أحداً ما، هي أن تضع نفسك في مواجهته. إن الجدران داخل العقل أمتن من كل الجدران في العالم. إذ يظن الإنسان أنه، عن طريق انفصاله، يحافظ على بقائه وعلى حياته، ولكن الحقيقة هي أنه يطرد نقيضه ويبقى بلا شيء.

عندما تنفصل عن شيء ما، لا تعود تمتلك هذا الشيء. إنك تفقده!

 

(الهروب من الحب)

الانعزالالانفصالالخوف من المشاعرالهروب من الحبّ