كيف تفهمون أولادكم ومشاكلهم من خلال رسوماتهم
طفلكم ما بين عمر 3 إلى 4 أو اربع سنوات ونصف في سن رائعة تخوله أن يرسم كثيراً، وبحماس شديد ومخيلة واسعة. احرصوا على أن يكون في متناوله الكثير من الاوراق والاقلام والالوان كي يرسم متى أراد. الرسم في هذه السن لا يعني فقط الحصول على لوحة جميلة تنال اعجاب الاهل ويمكنكم تعليقها على الجدار أو باب البراد.
انه قبل ذلك محاولة للتوازن العاطفي من قبل الطفل، وتعبير على الورق عما لا يستطيع التعبير عنه بعد بواسطة الكلمات: ثقته بنفسه، مكانة والده في قلبه، أفراحه، أحزانه… الخ. كيف تفهمون أولادكم من خلال رسوماتهم؟ . فالطفل يسكب كل ذاته في هذه الرسوم. من هنا نعلم كم أن الرسوم ضرورية للطفل، وذات دلالة وفائدة بالنسبة للاهل وللطبيب النفسي.
ان القدرة على تفسير رسوم الاطفال وتعيين دلالاتها تحتاج الى خبرة واسعة. نكتفي هنا بالاشارة الى بعض العناصر التي يمكن استخلاصها من مجموعة من الرسوم على مدى فترة معينة (رسم واحد لا يكفي للتفسير والاستناج) والى ما يجب الاهتمام به والتركيز عليه:
– موضع الرسم من الورقة يعطينا فكرة عن نظرة الطفل الى موضعه في محيطه. فاذا احتل الرسم زاوية صغيرة من الورقة، فهذا دليل على انطواء الطفل واحساسه بالتهميش. أما اذا احتل الرسم كل المساحة، فهو دليل على ثقته بنفسه وبمكانته في محيطه. اذا رسم شخصه في احد جانبي الورقة، فهذا يعبر عن ميل الى الانفتاح والتطلع الى المستقبل.
– تأويل الرسوم شبيه بتأويل الكتابة، وتحديداً من حيث أسلوب الخط والتشديد عليه. فتبعاً لدقة الرسم، ورهافته، واتقانه، وبطئه أو سرعته، وتماسكه أو تشظّيه، يمكننا الحصول على مؤشرات لمزاج الطفل وحساسيته وطاقته وحيويته.
– بعض الرموز، كالماء والشمس والقمر وقوس قزح والبيت والطرقات والشبابيك والشجرة، هي معبرة جداً ولها دلالات متقاربة لدى جميع الاطفال تقريباً: الشمس تعبر عن مكانة الاب. الطريق تعبر عن الحياة المزروعة بالصعاب بدرجة أو بأخرى. الماء يرمز الى الام. والبيت يرمز الى الطفل نفسه الذي يكون مضيافاً ومنفتحاً بدرجة او بأخرى. في جميع الاحوال فان هذه التأويلات معقدة و لايمكن قراءتها خارج سياقها.
– الالوان التي يستخدمها الطفل لها دلالاتها أيضاً. ومن دون الدخول في التفاصيل يمكننا الاعتماد على الانطباع العام الذي نخرج به من خلال الالوان المستخدمة، أهو انطباع فرح، حاد، حيوي، هادئ، معتم…؟
– اللوحة التي يرسمها الطفل لافراد العائلة هي من أكثر الرسوم دلالة وتعبيراً. مكان الشخص في الصورة والحجم الذي يأخذه لا يتعلقان فقط بالواقع وانما يتعلقان أكثر بالاهمية التي يمنحها الطفل لكل شخص منهم. هل نسي الطفل أن يرسم أخاه الصغير؟ هل حجم الوالد في الرسم أصغر من حجم الوالدة، فيما هو أكبر منها في الواقع؟ هل تأخذ القطة حجماً أكبر من حجم الطفل نفسه؟ هل شخصيات الرسم متقاربة أم متباعدة؟ كل هذه الامور لها دلالاتها.
ينبغي احترام تعبير الطفل بالرسم مثلما نحترم تعبيره بالكلام. لا حاجة بنا الى الحماس الشديد أثناء قيام الطفل برسم لوحة جديدة. ولكن سيكون من المعيب أن نرمي رسومه فور انتهائه منها أو أن لا نعطيها ما تستحق من الاهتمام. ولكي نعرف المزيد عما يريد الطفل قوله من خلال الرسم، الافضل أن نطلب منه تقديم شروح حول ما فعل ( الشخصيات، الالوان…) دون ان نصدر أحكاما أو نحاول التأثير عليه. أحياناً يرفض الطفل الحديث عن رسومه، وأحياناً أخرى لا يكفّ عن الكلام، وفي هذه الحال نحصل على معلومات كثيرة.
كاستنتاج مبسط، يمكننا القول انّ الرسوم الفرحة والملونة والغنية بالتفاصيل تشير الى أن وضع الطفل على ما يرام. اذا استجدت لديه مشكلات فانها ستنعكس على رسومه التي تغدو مختلفة عما سبق. يمكن أن تغدو الالوان أكثر شحوباً وقتامة فتوحي بالكآبة والانكماش، كما يصبح الرسم مكرراً. اذا بدأ الطفل، دون سبب ظاهر، برسم طائرات حربية محملة بالقنابل، وبيوت دون شبابيك ( خوفاً من الذئب)، وسماء ملبدة بغيوم سوداء كبيرة، وجبال عالية تسدّ الافق.. عندئذ يستحسن أن نصطحب الطفل مع رسومه الى الطبيب النفسي…
التعليقات مغلقة.