هل الخيانة بالجسد؟

خيانة النفس

يحاول كلّ إنسان أن يكون مثالياً في حياته الشخصيّة. أن يكون مخلصاً للشريك بكل أبعاد الإخلاص أي فكراً وجسداً وروحاً وإلى أبعد الحدود. لكن الكلّ يعرف كم ذلك صعب فإن لم ينقد الإنسان وراء غرائز الجسم فلا بدّ أنه في أحيانٍ ليست بقليلة يستسلم لغرائز النفس.

لكن هل النفس تخون؟

نعم للنفس غرائزها أيضاً وما من سور يحميها. وأصعب المشاعر هي تلك التي تتفلّت من الكبت المزمن وتعند على الترويض الدائم وتتفلّت من عقال المنطق وترمي بنفسها في القلب أي الوعي الذي لا يغيب عنه لا شاردة ولا واردة. بل يبقى صاحياً يرصد خفقان قلبك أو رعشة يديك أو تلك الفكرة الشاردة الوقحة. مشاعر أصعب من الحبّ. أقوى من الحرّية. وأعنف من اللثام الذي وضعته على فمك والغشاء الذي يستر عينيك لتغضّ الطرف وفجّ أكثر من كلّ ما تعلّمته من قواعد وأصول.
يداهمك شعور أمضيت سنوات وأنت تتعلّم أن تنساه. وظننت أنك نسيته. وصدّقت أنه اضمحلّ إلى الأبد. وفجأة ينهار قلبك ويغوص في صدرك فتفتح عينيك دهشة. أمعقول أن ذلك الشعور لم يمت؟!

ويفاجئك شعور آخر في مكان آخر وزمان آخر بالانجذاب كما لو تحت تأثير نوم مغناطيسيّ. مستحيل أن يكون ذلك حبّاً! إنه أصعب من الحب وأشدّ إلحاحاً! بعدك عن هذا الشعور هو فصام عن نفسك. إنه شعور يتخطّى الطبقات الدنيا من النفس البشريّة ليسمو إلى ما هو أثيريّ فيها. كما لو أن خيطاً فضّياً دقيقاً يمتدّ بين سرّتك وسرّة ذلك التوأم الروحي. لا تستطيع الانفصال عنه لحظة ولو كان في المرّيخ. ما العمل؟

يا للخيانة! كيف يخون الوعي رباط العقل؟
وتقف أحياناً متسائلاً لماذا عليّ أن أخفي ما أشعر به. هذا الشعور حقيقيّ. هذا الشعور لم يردعه الخوف.. لم يتردّد في الطفو على سطح الوعي. أم أن المشاعر مقبولة أخلاقياً لأنها غير مرئيّة وغير ملموسة؟ هل يجوز أن يخون المرء بالفكر ولكن ليس بالجسد؟ وما هي أصعب الخيانتين؟ الوعي لا يميّز بين ما يجب أن يُعرف وما ينبغي أن يُستر! وأنت واقف هناك.. مفسوخ اليدين والرجلين كرجل دافينتشي لا تدري إن كان عليك أن تجرّب “العيب” أم ترمّي بشعورك مرّة أخرى بعيداً بعيداً وتدير ظهرك وتمشي لتعود بعد قليل لتتلقّى سهم الشعور الذي أرسلته بعيداً. ها هو يخترق ظهرك الذي أدرته وينفذ من قلبك الذي بنيت حوله سوراً.

يا للخيانة! كيف يخون الوعي رباط العقل؟
لو كان الفكر والشعور هو مقياس الخيانة الفعليّة لكان كلّ البشر خائنين! لكن للأسف وحده الجسد مسرح الواقع! وما لم يظهر على خشبته شيء أو أحد يبقى الحكم بالبراءة قائماً.
نحن إذاً في حالة خيانة وجوديّة. الأنا تخون الأنا! نفسي تخون نفسها!
يا للخيانة! كيف يخون الجسد روحه ويقطع حبل السرّة.. لتشعر هي ما تشعر به وليكذب هو كما يشاء؟!

المصدر:فاديا عبدوش

للمزيد من المقالات عن “ طوّر ذاتك وغّير حياتك“

تابعونا على 

_{www.facebook.com/tawer.zatak}

_{https://twitter.com/tawerzatak}

_{https://plus.google.com/115523818535313504415}