في أي عمر نبدأ بتأديب أولادنا وكيف نؤدبهم ونبني شخصيتهم في الوقت نفسه
أحد الأمور الرائعة في الأولاد أنهم واضحون جداً، وكل شيء يظهر عليهم، حتى الإشارة التي يعطوننا إياها ليقولوا لنا إنهم جاهزون للتأديب عندما يبلغون من العمر 18 شهراً، يبدأون بمقاومة مَن حولهم. وقد ينتقلون إلى هذه المرحلة فجأة، وإن كانوا عادةً يزيدون حدة مقاومتهم ومدى تكررها بشكل تدريجي.
أما الإلهاء والتهدئة فيبطل مفعولهما في الحد من نوبات غضبهم. يصرّ أولادنا في هذا العمر على الحصول على ما يريدون ويتشبثون به لمدة أطول من ذي قبل.
يغضبون ويتعلقون بمشاكلهم الصغيرة بدلاً من الاقتناع بالخروج منها. في الوقت نفسه، يصبح الأهل قليلي الصبر، بعد أن كانوا قبلاً أكثر ميلاً للهدوء.
أياً يكن التغير الذي نلحظه لدى أولادنا في هذه الفترة، علينا أن نعرّفهم تدريجياً إلى التأديب. أي انتقال مفاجئ من التساهل الكلي إلى السلوك المشروط قد يولّد لديهم نوبات غضب أنتم بغنى عنها. غير أننا بحاجة إلى هذا الانتقال وقد يتطلب ذلك منا بعض الحزم. ففي النهاية، كان أمامنا سنتان تقريباً لنكتشف ما يريده ويحتاجه أطفالنا، ونعمل على تأمينه لهم من دون أي شرط.
إلا أنه في هذه المرحلة، نتوقّع منهم التكيف معنا، بينما نستمر طبعاً بتأمين احتياجاتهم.
نبدأ بالإصرار على الأمور التي نريد من أولادنا القيام بها.
· لا! عليك أن تنتظر كي تحصل على الحليب. سوف أحضره لك خلال دقيقة.
· حان وقت الطعام. تعال ساعدني في توضيب الألعاب.
· سوف تنام الآن، لذا اهدأ.
· لا! لا يمكن لماما (أو بابا) أن يلعب معك الآن. ولكن يمكنك ان تلعب هنا بجانبي.
· يمكنك أن تشرب الحليب أو العصير. أيهما تريد؟
إن الأهل غير المعتادين على الإصرار رغم نوبات غضب أولادهم، يمكن أن يفقدوا أعصابهم في هذه المرحلة. وقد يشكّل ذلك بالنسبة إلى البعض سبباً كافياً ليتخلوا سريعاً عن المسألة برمّتها. غير أن قوة الإصرار بدافع الحب موجودة داخلنا.
نجدها في الحب الشخصي، أي الحب الذي يدفعنا إلى التفكير في الشخص الذي نربيه، وليس فقط في الطفل الذي لا يريد تناول الحليب الآن الإصرار أفضل بكثير من محاولة الاحتيال على أولادنا ليقوموا بأمور لا يريدون القيام بها.
حصل هذا الأمر مع زوجين وابنتهما البكر التي كانت تُحدث جلبة كلما حان وقت النوم. فتوقف الوالدان عن الإلحاح عليها وما عادا يطلبان منها بصرامة أن تذهب إلى فراشها.
ولكن عوضاً عن ذلك، كان الأب يسليها ويلعب معها على السلالم المؤدية إلى غرفة نومها. فكان يخرج من غرفة الجلوس ويفعل أي شيء كي تتبعه. وعندما بلغت الفتاة في الثالثة من عمرها كان يلبس زيّ المهرّج كي يحثّها على الذهاب إلى فراشها.
فإذا كان هذا الأب يلعب دور المهرّج وهي في الثالثة، فما عساه يفعل عندما تبلغ ابنته الخامسة عشرة؟ 4ألم يكن من الأسهل بكثير أن يدرّبها على الأمر بشكل مختلف من البداية؟
كان من الأجدى أن يقول لها: «حان وقت النوم»، ويحملها إلى سريرها إلى أن يصبح هذا الأمر عادة روتينية لديها.
كيف نستخدم التأديب
نلجأ عادة إلى ما يعرف «بسلسلة التأديب» وهي عبارة عن خمس خطوات بسيطة تعلّمنا ما يجب أن نفعله حتى يفعل أولادنا ما نريدهم أن يفعلوه.
الخطوات الخمس هي:
1 ـ التوقعات قل ما تتوقعه أو تنتظره منهم وما هو ممنوع عليهم
2 ـ الأسباب علّل السبب الذي دفعك إلى قول ذلك
3 ـ النتائج حدد تبعات التزامهم بما قلته وعواقب عدم التزامهم به
4 ـ المتابعة تأكد من حصولك على ما توقعته
مثال على ذلك:
(التوقعات) أتوقع منك أن تعود إلى المنزل عند العاشرة والنصف مساءً، وألاّ تتأخر عن هذا الموعد.
(الأسباب) ما زلت صغيراً جداً لتقرر إلى أي ساعة يمكنك أن تتأخر، ونريد أن نتأكد من أنك بخير ولا خطر عليك.
(النتائج) في حال عدت عند العاشرة والنصف سوف نقتنع بسرعة أنك شخص مسؤول ومن المحتمل جداً أن نوافق على عودتك في ساعة متأخرة أكثر. أمّا اذا لم تعد في الوقت المحدد، فلن نسمح لك بالخروج مجدداً.
(الاتفاق) هل أنت موافق على العودة عند العاشرة والنصف مساءً؟
وهنا طبعاً سوف يوافق ولدكم على الفور!
التعليقات مغلقة.