هل تعرف كيف تمشي؟
لا يعرف التاريخ البشري رياضة أقدم من المشي وأشد التصاقاً منها بحياة الإنسان اليومية وبنيته الجسدية. ولا داعي للعودة إلى المراجع للقول إن المشي رافق البشر منذ ظهورهم، حتى إنه يصعب علينا الآن تخيل حركة الإنسان أو شكله من دون المشي.
يبدأ الإنسان بالسير قبل نهاية السنة الأولى من العمر ولا يتوقف عنه إلا مرغماً بسبب المرض أو الموت. بالرغم من تطور المجتمع البشري ومع أن الإنسان ابتكر لنفسه سيارة تنقله من مدينة إلى أخرى وطائرة تنقله من بلد إلى آخر، ويكاد لا يخلو مبنى عصري من مصعد، إلا أن القدمين تبقيان وسيلة النقل الأقل كلفة. وإذا كان معظم الناس يدركون دور الأقدام في المشي، فإن قلة منهم تدرك أن المشي يتطلب تحريك معظم عضلات الجسم بدءاَ من اليدين والكتفين والظهر حتى الخصر والرجلين.
بين المشي السريع والركض
أثناء المشي تقوم الرجلان بحركة مشابهة لحركة رقاص الساعة، فتنطلق الواحدة منهما عندما تستقر الأخرى على الأرض، وهكذا يكتسب الجسم قوة تدفعه إلى الأمام. تذكر أن إحدى القدمين تبقى على الأرض بينما ترتفع القدم الأخرى، أما أثناء الركض فترتفع القدمان عن الأرض بينما يكون العداء لبرهة سابحاً في الهواء من دون الإرتكاز على أي من قدميه.
وبالمناسبة فإن ارتفاع القدمين عن الأرض في آن معاً في مباريات المشي الرياضية يعد خروجاً عن قواعد اللعبة مما يعني خروج اللاعب من المباراة خاسراً.
كيف أمشي؟
لم يعد المشي وسيلة للتنقل فحسب، بل أصبح رياضة يمارسها عدد كبير من الناس وتعنى بها جمعيات عالمية تنظم نشاطات لرياضة المشي في شتى أنحاء العالم، كما تمكنت هذه الرياضة من أن تفرض نفسها كواحدة من الألعاب الأولمبية سنة 1904.
تختلف أنواع رياضة المشي باختلاف المشاة وأذواقهم. ومن بين أكثر رياضات المشي انتشاراً:
1. المشي العادي: هو المشي الذي نمارسه عند القيام بنزهة ما.
2. المشي بالثقالات: هو المشي بثقالات إضافية تعلّق على الجسم أو الساقين أو تدخل في تركيبة الحذاء الرياضي، ويقصد منها تمرين المشاة أو العدائين وتنمية العضل.
3. المشي في التلال: رياضة تمارس في بريطانيا ويقصد فيها المشاة بلوغ قمة عالية أو جبل ما.
4. المشي الجماعي: هو مشي مجموعة كبيرة من الناس (عادة لمسافة عشرة كيلومترات) وغالباً ما تنظم مسيرات مثل هذه بهدف تحقيق رقم قياسي.
5. المشي على المزلاج: رياضة جديدة ولدت عام 1988، يتم المشي فيها على مزلاج شبيه بذلك الذي ينتعله المتزلجون على الثلج.
6. سباق المشي: رياضة ظهرت في العام 1880، وأصبحت رياضة أولمبية عام 1904، يجتاز المتبارون فيها مسافة 20 أو 50 كيلومتراً. في الوقت الحاضر يحتفظ الروسيان دينيس نيجيغورودوف وسيرغي موروزوف بأرقام قياسية في هذا النوع من الرياضة.
7. المشي لمسافات بعيدة: غالباً ما تمارس هذه الرياضة في المناطق الريفية و على طرقات يزيد طولها عن 50 كلم.
8. المشي في البيت (على آلة المشي): رياضة منتشرة على نطاق واسع وهي بديل سهل المتناول عن الطرقات المخصصة للمشي.
المشي الصحيح
الوضعية الصحيحة للمشي هي تلك التي يكون فيها الجسم مستقيماً ومسترخياً عند القيام بالخطوات. يجب أن يبقى الجزء الأسفل من الظهر مسطحاً من دون أن ينحني الحوض إلى الأمام أو الوراء، فانحناء الحوض يجعل عضلات الظهر متشنجة ويحد من حركة الأوراك.
واحذر أيضاً من الترنح إلى الأمام والخلف فهذا قد يسبب الضرر لجسمك ويخفف من فاعلية حركتك. أما الرأس فيجب أن يحافظ على وضعية وسطية، ويجب أن يكون الوجه متجهاً إلى الأمام نحو الطريق.
يجب أن يحافظ المرفقان على زاوية قدرها 90 درجة على أن تبقى الذراعان مسترخيتين حتى لا يتسبب هذا بتشنج عضلاتهما. وعند المشي يجب أن ترسم حركة اليدين قوساً يمتد من ما وراء الخصر حتى مستوى عظمة القص من دون أن تتحركا من اليمين إلى اليسار أو بالعكس فلا تجتازان الخط الوهمي الذي يقسم الجسم إلى نصفين. كما يجب أن تكون حركة اليدين تلقائية من دون أي تشنج في عضلات الكتفين. بالرغم من أن اليدين يجب ألا تتشنجا، إلا أن استرخاءهما يجب ألا يبالغ فيه أيضاً. يجب أن يبقى المعصم ثابتاً بينما تُجمع الأصابع في قبضة غير شديدة.
حركة الأوراك هي العامل الأساسي لنجاح الرياضي الذي يمارس رياضة المشي. ذلك أن الأوراك هي التي تحدد السرعة والمسافة التي تقطعها في الخطوة الواحدة. لذلك يجب أن تُرفع الساق إلى الأمام وباتجاه خط الجسم الوسطي بحيث ترسم آثار القدمين خطاً واحداً على الأرض. إذا كنت تعاني من مرض يحد من ليونة الحوض والأوراك فستجد أن آثار قدميك على الأرض ترسم خطين مختلفين.
يجب أن تحافظ على استقامة الساق عند مفصل الركبة من اللحظة اللتي تلمس فيها قدمك الأرض إلى أن يتجاوز جسمك الرجل المستقيمة وتبدأ برفعها لتقوم بخطوة جديدة. تذكر أن المرأة في أفريقيا وهي تحمل على رأسها حملاً كبيراً تبقى أكثر قدرة على الحركة من النساء في العالم الغربي لا لشيء غير أن الإفريقيات تعودن تحريك أرجلهن كما يتحرك رقاص الساعة بحيث تبقى الساقان مستقيمتين! ومن حسنات الحفاظ على استقامة الساق أنه يساعد أيضاً في تمرير صدمة الهبوط على القدم عبر الركبة المستقيمة إلى الحوض الذي سيتمكن عندها من أداء دوره الفيزيولوجي في امتصاص الصدمات عند المشي.
أما الهبوط على القدم فيجب أن يكون على الجزء الخارجي من عقبها بحيث تشكل القدم والأرض زاوية قدرها 45 درجة.
عند ممارستك للمشي بشكل صحيح ستشعر بانسيابية الحركة عند الانتقال من قدم إلى أخرى كما لو أنك تتحرك على دولاب.
وكما يملي العقل السليم، يجب أن يكون الحذاء الذي تنتعله أثناء المشي مريحا ً وطرياً حتى لا يؤذي قدميك. كما يجب أن تكون ثيابك مريحة وغير ضيقة حتى لا تعيق حركتك. وإذا كنت تنوي أن تسير لمسافات بعيدة فمن الأفضل أن تحمل معك بعض الماء والطعام.
التعليقات مغلقة.