كيف نتعامل مع الولد العنيد والولد المتطلب والولد العصبي السريع الغضب؟
كنا نتناول طعام العشاء، حين أبدت ابنتي – ابنة السنتين- رغبتها بالشرب. سكبت لها الماء في الكوب الذي أمامها والتي لم تكن الكوب السحرية الأرجوانية اللون , فثارت ثائرتها وصاحت ” لآ اريد هذه الكوب ولن أشرب أو أتناول أي طعام قبل الإتيان بالكوب السحرية ووضعها أمامي على هذه الطاولة ”
اعتقدت أنه لأمر رائع أن يكون لابنتي رأيها الخاص ويحق لها إبداء رغبتها بالشرب من كوب أخرى . فكرت لثوان , ” هل البّي لها الطلب تفاديا للمزيد من الإحتجاجات ؟ أو هل أبقى على موقفي وأرفض الإتيان بكوب أخرى ؟ وفي الوقت ذاته تساءلت ” هل هناك من بديل عن الإثنين ؟
بعض الأهل سيقول ” الماء هي الماء في أي كوب كانت وأنه على الطفل أن يشرب ليسد عطشه ” ولكن قد يسرع البعض الآخر لتلبية طلب الطفل منعا لبكائه والتسبب بالمزيد من المتاعب التي قد تطيح بهدوء المساء .وهل هناك حل ثالث؟ وما الحل الأفضل يا ترى؟
إبنتي – ابنة السنتين ,و التي ستبلغ الثلاث قريبا ,- مثلها مثل أخيها الأكبر وأبناء جيلها, متطلبة, تعرف ماذا تريد وتريده أن يتحقق بأي طريقة وبأسرع وقت ممكن. إنما عليها أن تتعلم كيف تكون مرنة وأنه علينا التعاون بدلا من مواجهة أحدنا الآخر. هنا بعض الآراء التي قد تكون مفيدة وتساعد على إيجاد الحلول .
التمييز بين الحاجات والرغبات
تلبية حاجات الأطفال, الغذاء والرعاية ومنحهم الحب والحنان , أمر حيوي جدا من هنا, إذا شعرت أن طفلك هو “محتاج ” أو ” متطلب ” فعلينا التأكد من أن كل احتياجاته قد لبّيت. فعندما يبدو على الولد انه متطلب, فقد يكون ذلك إحدى طرق الطفل للفت الانتباه إلى أن هناك شيئا ينقصه أو أن إحدى حاجاته لم تلب
كن معتدلا, عطوفا وحكيما في الإختيارات
التعامل باعتدال مع الأطفال إن لجهة منحهم العطف والحنان أو إشعارهم أنهم مرغوب فيهم أو لجهة تشجيعهم على التعاون يجعلهم ميالين للتصرف بمرونة وتحمل المسؤوليات والإحساس بالسعادة. ليس عجبا أن نرفض لهم طلبا, ولكن, لنفعل ذلك بطريقة معبرة عن الحب والإهتمام. وإن كانت الفرصة تسمح باختيار بديل لقول ” اللا ” فافعل دون تردد. مثل:
” أعرف أنك ترغب البقاء في البيت للعب, رغم أنه وقت الصعود إلى السيارة . دعنا نذهب معا . أما تريد مساعدتي في فتح أبواب السيارة ؟ ” أو ” حان وقت الذهاب. هل أنت بحاجة للمساعدة للصعود إلى السيارة , أو ستفعل ذلك بنفسك ؟ ”
أعرف انك ترغب التصرف وفقا لما تريد ولكن أخشى أن لا تحسن التصرف. دعنا نفكر بالأمر سوية فما رأيك ؟ ”
توقع خيبات الأمل
حين تتصرف مع الطفل ضمن الحدود, إعلم أن البكاء هو الرد الحتمي على تصرفك, خاصة إذا كان طفلك من النوع الذي يصمم على فعل شيء قد يكون غير مقبول بالنسبة لك. البكاء هو طريقة الطفل في التعبير عن خيبة أمله وانزعاجه من ردة فعلك, من هنا فلا ضرورة لمحاولة تهدئته أو إسكاته, بل يمكننا المساعدة على عدم الإستمرار في البكاء بخلق أجواء تلهيه عن السبب, هكذا يتعلم الطفل التصرف بليونة ومرونة .
إختيار التعابير والنعوت
قد يكون متعبا جدا التعامل مع العناد والتطلب. غير أني وجدت أن اختيار النعوت التي نطلفها على أطفالنا تلعب دورا كبيرا في كيفية التقرب منهم . إليك بعض الكلمات التي حاولت استعمالها مع أطفالي ونجحت.
العناد أو التشبث بالرأي = متطلب , جريء
متطلب = حاسم و واثق من نفسه
شرس = مبدع , حيوي , شجاع
حين ننظر إلى أولادنا بإيجابية, ونمحهم الحب, كما هم فعلا. تفقد التعابير والأوصاف والنعوت أهميتها. إذ أننا عندئذ نرى الطفل كائنا بحاجة للحب , بحاجة لأن نتقبله كما هو في كل الأوقات, وليس حين يحسن السلوك فقط أو يتصرف وفقا لتوجيهاتنا, أو حين لا يكون أي صدام بيننا.
نفهم أهمية مرحلة النمو
إدراك أهمية التطورات التي تطرأ على الأطفال أثناء مرحلة النمو يسهّل مهمتنا في التعامل معهم فلا تعود هناك صدامات. فالأطفال بعمر السنتين أو الثلاث, يميلون, عفويا, إلى رفض أوامر الآباء. إنها طريقتهم في إفهامنا أنه صار لهم شخصيتهم المستقلة وأن لهم آراءهم وأفكارهم الخاصة بهم . فإنتتطابقت توقعا تنا مع مي يقدر أطفالنا أن يفعلوا, فهذا يعني أنه لن تكون مواجهات بيننا.
التركيز على قيام تعاون وليس على الإذعان
يبدأ الصراع عادة حين يتوقع الأهل الإذعان المطلق من أبنائهم متجاهلين ان عليهم احتضانهم . ومتناسين أن للأطفال في المقابل آراءهم الخاصة التي قد يكونون عاجزين عن التعبير عنها بالطرق الصحيحة. حين يشعر الأطفال أنهم محتضنون وعلى تواصل مع الأهل, وفي الوقت ذاته ما يزالون قادرين – ولو بقدر معين – على التصرف بحرية , فهؤلاء الأطفال يكونون ميّالين إلى التجاوب مع رغبات الأهل. فبدل الطلب إليهم الإذعان وتنفيذ الأوامر
حاول الطلب من ابنتك اقتراح الحلّ
أطلب المساعدة منها
إصغ ‘لى ما تقول
إعملا معا
وجه الأسئلة بدلا من إعطاء الأوامر
إحترم وادعم إستقلاليتها
إشرح بإسهاب ما يمكن فعله, بدلا من تعداد ما هو ممنوع.
كثيرون من الآباء يترددون في فعل مثل هذه الأمور إيمانا منهم أنهم الآمرون المطاعون. حاول أن تكون معتدلا في التصرف وعلى تواصل مع الطفل وهكذا يكون كل منكما منتصراً.
بناء التواصل
التواصل يكون بتخصيص بعض الوقت – ولو عشر دقائق – لتمضيته معا مرتين أسبوعيا على الأقل. دع ابنكيديراللعبة. اخرجا معا وتنشقا لهواء النقي. أرقصا واستمعا إلى الموسيقى, كونا على تواصل شبه دائم كلما زاد التواصل زاد التعاون بينكما.
نعم هناك أطفال أكثر تعنتا أو مشاكسة من غيرهم, أو دعنا نقول أكثر تطلبا. هذا ما نشعر به أحيانا بسبب إحساسنا بالتعب ولكن لا بد من المثابرة وعلينا التحلي بالصبر.
وكيف انتهت حكاية الكوب ؟
سألت ابنتي, “هل طعم الماء في هذه الكوب يختلف عنه في غيرها ؟” أجابت ” لست أدري فلم أحرّب ذلك من قبل إنما هذه ليست الكوب التي أريد “. ” حسنا إنها ليست التي تريدين,غير أني جد جائع ويلزمني بعض الوقت لتناول الطعام فما رأيك ؟ ” وتابعت ” أنا جائع, سأتناول بعض الطعام وبعدها سأجلب الكوب بنفسي اتفقنا ؟ ”
نعم اتفقنا . قالت وهكذا انتهت الحكاية الأزمة .
الأبوة الصالحة, لا تعني أبدا جعل الأطفال سعداء طيلة الوقت , أو إعطائهم كل ما يطلبون, أو الإنحناء أمامهم تلبية لرغباتهم. علينا الإنتباه إلى ضرورة التوازن بين متطلبات الأطفال والعائلة. حين تكون حاجات الكل مأخوذة بعين الإعتبار, ويكون هناك تعاون وتواصل بين الجميع سيسود التناغم والتفاهم
التعليقات مغلقة.