متى يكون الحب قاتلاً ؟!
مجنون بحبك. كلمة كثرا ما يتم تداولها ولكن خلفها قد يكون ما يقضي على هذا الحب أو ما قد يعززه ويقويه؟ متى يا ترى يكون الحب هداماً ومتى يكون بناء؟ وهل الغيرة واحدة؟ وما دور الغيرة في حياتنا ؟
نشر في 24/5/2013 من قبل Steven Stosny في Anger in the Age of Entitlement
تبدأ الغيرة البسيطة كشعور بعدم الراحة بسبب احتمال خسارة اهتمام أو محبة شخص آخر. وفي الغيرة المعقّدة، تبدو إمكانية خسارة الشخص الآخر كإنقاص غير مبرر من قيمة الذات حيث تصبح أصغر وأقل قيمة لأنّ شخصاً ما يتلاعب بك أو يخونك.
تحفّز الغيرة البسيطة السلوك الباحث عن المكافأة/العاطفة، فتحاول أن تكون أكثر تعاوناً أو لطفاً ما يؤدي عادة إلى ردّ فعل ايجابي بما يكفي ليخفف الشعور بعدم الراحة. وتثير الغيرة المعقّدة ردّ فعل هجومي إما بشكل صريح وعلني وإما بشكل متكتم وداخلي. تدفعك الغيرة المعقّدة إلى التقليل من قيمة ذاتك ومحاولة السيطرة على الآخرين والتحكّم بهم، ما يجعل الأمور تسوء أكثر بالتأكيد.
تظهر الغيرة البسيطة للمرة الأولى في الطفولة، عندما يشاهد الطفل والديه وهما يظهران المحبة لبعضهما البعض أو لطفل آخر. يندسّ الطفل بين والديه المتعانقين ويحاول أن يكون فاتناً ومحبباً قدر الإمكان. وغالباً ما تتسبب ولادة الأخ أو الأخت بعودة إلى السلوك الطفولي كالتبول ليلاً والحديث كالأطفال الصغار جداً. وتشكّل هذه العودة على السلوك الطفولي محاولة كي يبدو الولد محبباً أكثر في نظر الوالدين الملهيين: “الأطفال يثيرون اهتمامكما؟ يمكنني أن أفعل هذا أيضاً.”
تضبط الغيرة البسيطة المسافة فيما توسّعها الغيرة المعقّدة.
تشكّل الغيرة البسيطة في العديد من العلاقات بين الراشدين نوعاً من منظّم أو ضابط للمسافة. عندما يبتعد الزوجان عن بعضهما البعض، تؤدي وخزة الغيرة إلى اهتمام اكبر وسعي للتواصل أكثر. يمكن أن تحصل بشكل متكرر حين تكون العلاقة غير مستقرة وآمنة، لاسيما في المراحل الأولى من الارتباط العاطفي حيث يشعر الطرفان بأنهما أكثر حساسية على النبذ. ولا تلفت الغيرة النظر حينذاك لأنهما يتبعان الحافز الطبيعي الذي يدفعهما لأن يكونا محبين أكثر. وما أن يعودا إلى التواصل حتى تتراجع الغيرة.
عندما يفشل الطرفان في التواصل والارتباط مجدداً، تفشل الغيرة البسيطة في أداء وظيفتها. وما أن يسيطر الاستياء على العلاقة ويعيق التواصل بشكل آلي حتى تتحوّل الغيرة البسيطة إلى مشاعر سلبية يحملها كل طرف حيال الآخر. وسرعان ما يلي ذلك قلة الاحترام.
يمكن للغيرة البسيطة أن تتحوّل إلى غيرة معقّدة حين يُعاقب الطفل لأنه يسعى جاهداً لأن يكون محبباً وفاتناً في رد فعل منه على ألم الإقصاء. وقد يفسّر ألم الإقصاء ليس كحافز داخلي للتواصل بل كهجوم خارجي. وعندما يرى الهجوم، يشعر أنه يحق له أن يقابل الفعل بمثله أو أن ينتقم.
ومن الشائع أن تتزامن الغيرة المعقّدة مع شعور ناشئ بالذات، وهو تركيب عقلي غير ثابت يتضمن النظرة إلى الذات، الهوية، الفاعلية الذاتية والقيمة الذاتية. وتظهر في أوجها في مرحلة المراهقة لتتحوّل في بداية سن الرشد إلى مشكلة أساسية في العلاقات الحميمة لدى الذين يعانون من تقدير قاسٍ أو سلبي للذات. وتميل الغيرة إلى أن تبلغ ذروتها في منتصف سن العشرين حين يمنح تطور القشرة المخيّة الشخص قدرة أكبر على تنظيم الانفعالات وضبطها. إلا أنها تميل للظهور بشكل متكرر أكثر وإن بحدة أقل فتُفقد مع مرور الوقت حتى أفضل العلاقات استقرارها.
الغيرة البسيطة تعكس أهمية الشخص الآخر فيما تقودك الغيرة المعقّدة إلى الجنون
ترفع الغيرة البسيطة من قيمة الشخص المحبوب، فأنت تريد المزيد منه. أما الغيرة المعقّدة فتقلل من قيمته فأنت تريد أن تتحكّم به أو أن تعاقبه أو أن تتجنّبه.
إنّ الغيرة البسيطة مفيدة وجيدة للعلاقة فمعظم الناس لا يرغبون في حبيب لا يأبه إن أقاموا علاقات مع فريق كرة قدم بأكمله. لكن ينبغي حتى للغيرة البسيطة ألا تتعدّى نسباً صغيرة. أنظر إليها على أنها حمض مركّز جداً يحتاج إلى الكثير من التذويب ليكون فاعلاً من دون أن يسبب أيّ أذى أو ضرر. ولا تأتي الغيرة المعقّدة أبداً بجرعات صغيرة وهي في نهاية الأمر تلتهم قلب العلاقة وجوهرها.
إنّ المدّ والجزر اللذين تشهدهما المشاعر القوية تضفي على الغيرة المعقّدة طابع الصراع ما بين الخير والشرّ. عندما تشعر بأنك مقرّب من الشريك، لا تستطيع أن تتخيّل أنك شعرت بالغيرة- “كيف يمكن أن تخطر لي مثل هذه الأفكار البشعة” أو “إنه رائع فكيف خيّل إليّ أنه قد يخونني!” لكن ما أن تنحسر مشاعر التقارب حتى يعود الهوس للظهور وتشعر وتتصرف كشخص مختلف تماماً.
تتسم الغيرة المعقّدة بصفة الهوس والاستحواذ إذ لا تستطيع أن تمتنع عن التفكير في أحداث حقيقية أو خيالية تثيرها. ويعيق الهوس القدرة على رؤية الواقع والحقيقة. وإذا ما استمر فقد تصاب بجنون الارتياب أو بمرض الوهم أو بالهلوسة.
التعليقات مغلقة.