قرية في الأكوادور لا يمرض سكانها بالسرطان ولا بالسكري. كشف العلماء السبب أخيراً بعد 30 عاماً
في أيامنا هذه، السرطان هو بدون شك المشكلة الصحية رقم واحد في العالم.
يحاول العلم والطب جاهدين أن يحلا ألغازه، ليس فقط ليمنعوا ظهوره، لكن أيضاً ليسمحوا للمرضى الذين يعانون منه أن يستفيدوا من علاجات فعالة.
يبدو هذا صعب التصديق، لكن هناك قرية في هذا العالم، يسكنها أشخاص مميزون جداً لا يخافون أبداً من هذا المرض الخطير مع أنه مميت في أغلب الأحيان.
فيما يلي من هذه المقالة التي نقدمها لكم من ifarasha، سنقودكم إلى وادي Vilcabamba في لوجا في الأكوادور.
القرية التي لا تخاف من السرطان
لنفهم أفضل هذه الخاصية المدهشة، يجب أن نتعرف أولاً إلى خلل وراثي مميز : إنه عارض لارون Laron syndrome.
عارض Laron هو مرض وراثي نادر يؤدي إلى اضطرابات في النمو. لكن من جهة أخرى، هذه الخاصية الوراثية تمنح مناعة كاملة للأشخاص الذين يحملونها ضد السرطان والسكري.
لنشرح هذا العارض الاستثنائي بالتفصيل.
عارض لارون لا يصيب إلا 350 شخص في العالم
هذا العارض وصفه للمرة الأولى في الخمسينات من القرن الماضي الطبيب زفي لارون. وقد بدأ بالاهتمام بهذه المشكلة الوراثية بعد أن لاحظ أن بعض الأشخاص من قريته الأصلية كان يعانون من قامة قصيرة بشكل غير عادي.
اكتشف عندها أن هذه المشكلة الجسدية الخاصة لديها نتيجة إيجابية جداً غير متوقعة : الأشخاص المصابون يمكنهم أن يأكلوا ما يريدون بدون أن يصابوا بالسكري ولم تسجل أي حالة سرطان في هذه القرية الصغيرة.
بعد أكثر من 30 عاماً من الأبحاث، نشر زفي لارون نتائج دراسته عن هذه الظاهرة الغريبة.
إليكم أول مقاربة لهذه الأعمال تضيء على هذا الموضوع :
• يصيب عارض لارون 350 شخص في العالم، أغلبيتهم يسكنون في وادي Vilcabamba في لوجا في الأكوادور. الآخرون يعيشون في عدة أنحاء من البحر المتوسط.
• الأشخاص المصابون بهذه الحالة الوراثية يعانون من عدم نمو جسدي : نادراً ما يتجاوز طولهم المتر الواحد.
• بالإضافة إلى قصر قامتهم، لديهم أيضاً خصائص سيميائية خاصة جداً.
• سبب هذه الظاهرة هي مشكلة عدم الانتظام في هورمونات النمو. حتى لو كان الجسم ينتج هذا الهورمون المسمى GH بكمية كافية، إلا أنه لا ينتشر في كل أنحاء الجسم بسبب هورمون آخر يسمى IGF-1، دوره مرتبط بالأنسولين.
• هذا العارض يمكن أن ينتقل بواسطة الأم أو الأب.
عارض لارون : حياة بدون سرطان ولا سكري
الأشخاص الذين يعانون من هذا العارض الوراثي يمكن أن يعيشوا حياةً عادية تماماً. بالإضافة إلى قامتهم القصيرة، هم لا يصابون بأي مشكلة صحية.
ما فاجأ الأطباء أكثر هو أن هؤلاء الأشخاص كانوا يتبعون عموماً أنظمة غذائية غير متوازنة أبداً، غنية بالدهون والأطعمة المقلية والسكر، ولكن أي منهم لم يصب لا بالسكري ولا بالسرطان.
هذه هي الأسباب المحتملة لهذه المناعة المدهشة :
• الكبد هو العضو الأساسي في هذا اللغز. في هذا العضو من الجسم يلغي الهورمون المرتبط بالأنسولين تأثير هورمون النمو.
• هورمون IGF-1 هو الهورمون المسؤول عن نمو الأولاد، ولكنه أيضاً ضروري لانقسام الخلايا عند البالغين. بواسطة هذه العملية، ينتشر السرطان في الجسم البشري.
• الأشخاص المصابون بعارض لارون حساسون جداً على الأنسولين، وهذا يساعدهم على منع ظهور السكري وأي مشكلة أخري في عملية الأيض.
• الصعوبات الأكبر التي يواجهها هؤلاء الأشخاص هي أثناء طفولتهم، لأنهم لا ينمون كما يجب.
مع هذا، عندما يصلون إلى عمر البلوغ، يصبح هذا النقص في الهورمونات أمراً مميزاً يحميهم من اثنين من الأمراض الأكثر انتشاراً والأخطر على الحنس البشري : السرطان والسكري.
أفق جديد للعلم وأمل للمرضى
المرضى المصابون بعارض لارون Laron syndrome لا يُصابون بالسرطان أو بالسكري، ولكن حياتهم ليست نهراً طويلاً هادئاً.
يقول المؤرخون إنهم يتحدرون بالتأكيد من اليهود الإسبان الذين تحولوا إلى المسيحية وهاجروا إلى أميركا الجنوبية في القرن السادس عشر.
تاريخياً، واجه هؤلاء الأشخاص السخرية والنبذ من المجتمع بسبب مظهرهم الجسدي المختلف.
في أيامنا، يحاول العلم فك شيفرة الآلية الهورمونية التي تسبب هذا المرض وإعادة إنتاجها للحصول على علاج ثوري ضد السرطان. والتجارب ما زالت تجري حتى الآن في المختبرات.
هناك أمل أيضاً بالنسبة للأشخاص المصابين بعارض لارون. عندما يشخص الخلل عند الولد، من الممكن حقنه بهورمون IGF-1 المصنع لكبح أعراض المرض. لكن هذا الحل مكلف : أكثر من 22000 دولار بالسنة.
قلائل هم الأشخاص الذين يستطيعون دفع هذا المبلغ. لا يبقى لنا إلا أن نأمل بحلول بديلة تسمح لهم بأن يحظوا بحياة طبيعية.
إذا أعجبتكم هذه المقالة التي قدمناها لكم من آي فراشة، لا تترددوا في مشاركتها مع أقاربكم ومعارفكم. شكراً لكم !
التعليقات مغلقة.