حقيقة صاعقة . إياك والزواج عن حب
يُعتبر الاشخاص الذين لا يتزوجون بدافع الحب غير محظوظين، ومشبوهين، واستغلاليين وسيئين. لكن من وجهة نظرنا، ان الاشخاص الذين لا يتزوجون عن حب لم يقدموا على ايّ تصرف مشين وسيء كما أنهم لا يشكون من أيّ خطب. إنهم يثيرون لدينا مشاعر مختلفة ومتنوعة، بدءاً من التعاطف وصولاً إلى الازدراء، لأن معظمنا تعلّم أن الحب هو السبب الوحيد “الصحيح” للارتباط.
إنما لو ما فكرتم في الأمر ملياً لوجدتم ان الحب ترف. عندما نتزوج بدافع الحب، فهذا يعني أنّه تم تلبية حاجاتنا الأخرى كلها او على الأقل معظمها (كالطعام والمأوى والدفء، الخ…). وهذا قد يفسّر لما معدلات الزواج لدى أصحاب الموارد المالية المحدودة متدنية: إن كنت قلقاً بشان بقائك أو سلامتك وامنك فلن تركّز على العثور على امرأة أحلامك… إلا إذا كان هذا الشخص هو سبيلك للخلاص من حياتك المريعة أو من وضعك المالي المزري او من “عزوبيتك” المخيفة.
لطالما شكّل الانجاب سبباً للزواج، لكن وإلى ما يقارب مئتي سنة خلت، كان الناس في الغرب يتزوجون من أجل كسب سياسي او مالي أكثر مما يتزوجون بدافع الحب.
كان الطلاق في الأزمنة الماضية نادراً للغاية لكن عندما أصبح الحب جزءاً من المشهد كدافع للزواج، أصبح انتهاء الزيجات أمراً شائعاً أكثر.
تشير الانتقادات إلى حقوق المرأة وقوانين الطلاق السهلة والتركيز الأكبر على ملاحقة السعادة الشخصية في السبعينات، التي فتحت الباب أمام خيارات أوسع وبالتالي حالات طلاق اكثر. وصلت المعدلات إلى ذروتها أي إلى 50% (بعد أن كانت 11% في الخمسينات) ولم تتغيّر كثيراً في السنوات الخمسين الأخيرة.
لقد قطعنا شوطاً عظيماً مع التكنولوجيا وأسلوب العيش الحديث لكن هل سجلنا تقدّماً في ثقافة الزواج المتمحور حول الحب؟
ما يقوله الخبراء مثل Andrew Cherlin (Marriage Go Round) و Stephanie Coontz (Marriage, A History) هو أننا في محاولتنا لجعل روابط الزواج أقوى عبر رفع السقف ليلبي حاجاتنا الأكثر تطلباً، جعلنا مؤسسة الزواج أكثر ضعفاً الآن بعد أن يصبح الزواج يقوم على الحب والغرام وهما شعوران قابلان للتغيّر كثيراً. عندما ينحسر الحب، يصبح الزواج متزعزعاً وقابلاً للسقوط؛ عندما يرحل الغرام يموت الزواج.
أما الأشخاص الذين يتزوجون لسبب أساسي آخر غير الزواج، كإنجاب الأطفال مع شخص يعتقدون انه سيكون والد/والدة جيداً، أو الوصول إلى الأمان المادي أو للحصول على رفيق، فتكون زيجاتهم عموماً أطول أمداً وافضل لأن خياراتهم تمت لهدف محدد. كما أن توقعاتهم للزواج والشريك اكثر واقعية. فالزوجة لا يُتوقّع أن تكون “الشخص المنشود”. يكفي أن تكون السيدة “جيدة بما يكفي”.
يطلق بعض الناس على هذه الزيجات صفة التسوية لكننا نرى حكمة الزيجات المماثلة أكثر فأكثر.
أنا لا أقول إنّ الحب لا ينبغي أن يكون ضمن لائحة الأشياء التي نحتاجها في العلاقة لكن لا حاجة لأن يحتل المرتبة الأولى (وربما ينبغي ألا يحتل هذه المرتبة).
التعليقات مغلقة.