رسالتي لكم: من أعماق قلب أمٍّ يائسة
اذا سألتموني ما هي الأمور الأهم على صعيد عائلتي، سأجيب من دون تفكير أنّها الإكزيما. لدينا ستّة أولاد، أربعة منهم مصابين بالإكزيما. ابني البكر لديه بشرة جميلة جدّاً وصافية، قد تظهر بثرة من وقت إلى آخر ولكن لا أكثر. ابني الثّاني تجاوز أعراض الإكزيما وهو في الطّريق إلى الشّفاء. ابني الثّالث وعمره إحدى عشر سنة لديه أعراض خفيفة لا تقلقني كثيراً، ولكن ابني الرّابع والخامس هما التّحدّي الأكبر لعائلتنا.
قبل أن أبدأ بالتّكلّم، أريد أن أسألكم، هل جرّبتم يوماً الدّخول في مشروع إعادة تحسين ديكور المنزل؟ ليس مشروعاً ممتعاً، وأنا أشبّه قصتنا مع الإكزيما بمشروع إصلاح المنزل. إنه يؤدّي إلى الجدال والمشاكل ضمن العائلة، يؤدّي إلى اضطراب الوضع بينك وبين زوجك، يؤدّي إلى الكثير من أوجاع الرّأس والغضب، ولكن على أمل أنّ النّتائج ستكون أفضل بكثير من بداية المشروع.
قرأت مقالة على الإنترنت تتحدّث عن الخطوات الّتي علينا إتّباعها قبل أن نبدأ بالبناء والتّحسين. أوّل خطّوة هي تحديد حلمك، وأنا على ثقّة أنّ لدينا الكثير من الأحلام الّتي نحملها عن أولادنا، ومن أحلامي القدرة على التّعامل مع الأمراض الجلديّة. الخطوة الثّانية كانت عدّ النّقود والإدخار، أمرين لم نفلح بهما كثيراً. الخطوة الثّالثة هي اختيار فريقك. وجدت من خلال تجربتي مع الإكزيما أنّنا لا نتعامل مع طبيب واحد فقط، ولكننا نتعامل مع الكثير الكثير من الأطبّاء من جميع الاختصاصات وجميع الخلفيّات. الخطوة الرّابعة كانت التّعلم من الآخرين. والخطوة الأخيرة كانت التّخطيط للمستقبل.
أوّلاً، حين أفكّر بما أريده كأحلام لأولادي فأوّل شيء يخطر ببالي هو: أريد أطفالاً أصحّاء سعداء. ثانياً، أودّ أن تكون حياتي خالية من الالتهابات. وثالثاً، أريد أن أنعم بنوم هادئ في اللّيل. أريد أيضاً بناء علاقة وطيدة مع الأطبّاء، وأريدهم أن يتقبلوا بعضهم كما أريدهم أن يفيدوني. حين أذهب إلى طبيب مختص بالحساسيّة، يقول لي:”إنّها حساسيّة، لا تذهبي إلى طبيب الأمراض الجلدية.” وعندما أذهب إلى طبيب الأمراض الجلديّة يقول لي:” إنّها مشكلة جلديّة، لا تذهبي إلى طبيب الحساسيّة.” ثمّ أستشير طبيب الأمراض المعدية فيقول لي:”أستطيع معالجته، فأنا أهم من أي طبيب آخر.” ويقول لي طبيب الأطفال بكل صراحة:” هذه أسوأ حالة رأيتها، عليك مراجعة مختص.” فعندما تزيد حالة طفلي سوءاً من عليّ أن أرى؟ جميع الأطبّاء يمسكونني ويقولون لي:” تعالي عندنا، نحن الحل.” ولكن ليس لدي المال الكافي لأستشيرهم كلّهم. لذا قرّرت أن أصبح أنا الطبيبة لأطفالي.
أودّ أن أشعر بتقبّل عائلتي وأصدقائي وأصدقاء أولادي والآخرين لي ولأولادي. حين كان ابني لوغان البالغ سبع سنوات من عمره طفلاً، وددت حقّا لو مرّ يوم واحد دون أن يتوقّف الناس ليسألونني :”ما هي المشكلة الّتي يعاني منها طفلك؟ هل احترق يوماً؟ هل وقع؟ هل جرّبتِ هذه الوصفة؟ هل جرّبتِ تلك؟”. يفشل النّاس في إدراك أنّ لوغان طفل، من فصيلة الإنسان، وليس أيّ طفل، إنّه طفلي. هناك أوقات أشعر فيها أنّ حتّى الأطبّاء لا يدركون أنّهم يتحدّثون عن كائن حي، يتنفّس ويتساوى معهم. اسمه لوغان، لا اكزيما، لا مريض جّلد، ولا طفل الإكزيما. أريد أن يتقبّل المجتمع أولادي، أريدهم أن يبرزوا كأشخاص وليس فقط كمرض جلدي.
أريد أن أحظى ببعض السّيطرة على حياتي وعلى الأشياء حولي. أحاول إقناع نفسي أننّي ضحيّت بكل ما أستطيع تضحيته. أحاول إقناع نفسي أنّني لست سبب هذا. أريد إقناع نفسي أنّني ساعدت ابني قدر الإمكان، أنّني لست بالأم السّيئة الّتي رسمتها في ذهني.
عندما قرأت أنّ التّوتّر والقلق لهما علاقة بالإكزيما، بكيت. هل حقّاً ابني البالغ ثمانية أشهر من عمره لديه هذا التّوتّر؟ إنّه يشعر بقلقي. لاحظت أنّ حالة أولادي تسوء حين أكون غير موجودة، أو حين لا يكون لدينا الوقت الكافي لهم. قدّمت استقالتي من وظيفتي وبدأت أمضي الكثير من الوقت مع أولادي. شاركت أولادي جميع أوقاتهم وأوقاتي، لم أخرج من البيت لمدّة ثلاثة أشهر. احتضنتهم، أجلستهم في حضني، وقرأنا القصص. جميع أعراض أولادي خفّت كثيراً. كان التّحوّل كالسّحر.
سأختم رسالتي ببضعة كلمات. أهم شيء عليكم معرفته عندما تريدون إصلاح منزلكم هو التّخطيط للمستقبل. نعيش في مجتمعات تُعطي المظاهر أولويّة كبيرة. اذا استطعت علاج الإكزيما لدى أطفالي وأهملت مساعدتهم في بناء شخصيّتهم، سوف أشعر أنّني لم أكن ذات فائدة لهم أبداً.
الأشخاص ليسوا وجوهاً فقط، إنهم أيضاً قلوب.
الجمّال ليس له علاقة بالجّلد. الجمال ليس له علاقة بالمظهر. الجمال هو النّور المضيء في قلوبنا، وهذا ما علينا أن نظهره لأولادنا.
مع خالص حبّي.
Joanna Hamilton
هذه الرسالة التي قدمناها من ifarasha تدخل قلب كل أم، وخصوصاً الأمهات اللواتي يعاني أولادهن من مشاكل. نرجو أن تنقلوها لكل من تعرفون وخصوصاً الأمهات. شكراً لكم !
التعليقات مغلقة.