هل نظلم أولادنا عندما نعاقبهم أم نفيدهم ؟
يقال : يجب أن نعاقب الأولاد حتى يفهموا القواعد، حتى يفهموا الاختلاف بين الخير والشر، بين ما هو مسموح وماهو غير مسموح.
ولكن، أليسوا كائنات تتمتع بالمنطق وتمتلك العقل ؟ ألا يثبتون لنا كل يوم قدراتهم العقلية الخارقة وهم يراكمون عدداً لا يحصى من المعارف وطرق التصرف بطريقة لا نقدر عليها نحن الكبار ؟ لماذا نعتبر إذن أننا يجب أن نسبب لهم الأذى ( قصاص، ضرب…) حتى يفهموا، بدل أن نستعمل كلمات أو أدوات متنوعة تسمح لهم باستيعاب هذا بالتدريج؟
يقولون : نعم، لكنني أشرح لهم ومع هذا لا يتوقفون، إنهم لا يفهمون ! ” إنه لا يفهم ” : هذا صحيح، الأولاد يمتلكون قدرة عقلية كبيرة ولكنها في طور البناء. نعم، هذا صحيح، هناك قواعد لا يفهمها (مثل فائدة قواعد السلوك الاجتماعية، تجريد الأمور، التعميم…)، إنها قواعد ليس لها معنى بالنسبة لهم (لأنها تعكس تقاليد، ثقافة، حاجاتنا كأهل، لا نكلّف أنفسنا عناء أن نشرحها لهم). قواعد، مع أنها معروفة ومكررة، غير مطبقة بسبب عدم نضج أجزاء عديدة في الدماغ لا تسمح لهم بعد بالتحكم بحركاتهم وانفعالاتهم كما نفعل نحن في بعض المواقف (هل نحن نتحكم حقاً بها نحن أنفسنا ؟)
أو هم ليسوا بعد قادرين أن يتذكروا مرة بعد مرة أخرى أو أن يتذكروا عندما يكونون غارقين في نشاط معين. وثم هناك كل الباقي، الذي يمنعهم (أحياناً) من احترام القواعد، من “الخضوع” لطلباتنا، من التصرف “كما يجب” : التعب، حاجتهم الملحة للانتباه والحب الذي لم يتم إشباعه، الأهداف الوهمية التي يلاحقونها عندما يشعرون بالإحباط، مستوى السكر في الدم الذي يمكن أن يكون مصدراً للغضب، النزاعات العميقة مع الأهل الذين يتدخلون، شعور بالإحباط يؤثر على كل شيء…
سواء كان لدينا وعي دقيق بكل هذه المفاهيم أو كنا نعرف بكل بساطة أن الأولاد “يجدون صعوبة في فهم” بعض الأشياء لأنهم “صغار”، هل من العدل أن نعاقب أحداً على شيء نعرف أنه غير قادر عليه ؟
انتظروا المقالة القادمة من آي فراشة : يقولون : العقاب لا يؤذي، إنه يبني شخصية الولد ! هل هذا صحيح ؟
التعليقات مغلقة.