تعرف على هذه الشخصية المخيفة المختبئة في داخلك
فلاديمير جيكارنتسيف
شخصية المدافع والمراقب
يقوم الطفل بتنمية هذه الشخصية ( أو هذه الأنا ) بنفسه في البداية، ووظيفة هذه الشخصية المخيفة أن تراقبنا وتحمينا وتحدد لنا المخاطر والسبل المثلى لحل المشاكل. تجد في هذه ” الأنا” مختلف القواعد السلوكية التي استوعبها الطفل من والديه ومن المجتمع الذي عاش فيه، وهذه ” الأنا ” تضع رقابة على سلوكنا وتحدد مجموعة من القواعد الذاتية التي برأيها تؤمن سلامتنا واستحسان الآخرين لنا، كذلك تحدد النسبة المسموح لنا بها في إظهار عواطفنا، كأن تحدد لمن نبتسم وكيف وكم. وهكذا نصبح أقل طبيعية، لأن هذه الشخصية (الشخصية المخيفة) تراقبنا دائماً لتحمينا من أي خطر يتهددنا، كذلك فإنها تقرر الكيفية التي يجب أن نتصرف على أساسها كي لا نبدو أغبياء ولا نضع أنفسنا في مواقف محرجة.
إن طاقة ” المدافع والمراقب” هي أهم طاقة تقف وراء جميع شخصياتنا الداخلية. عندما يقول أكثرية الناس ” أنا” فهم يقصدون بذلك المدافع والمراقب، كذلك هو المقصود عندما نتحدث عن ” الهو”. إنه هو الذي يحمينا من العالم الخارجي والعالم الداخلي، وهو المسؤول عن بقاء مجموعة الشخصيات المكبوتة في داخلنا في حالة الكبت، طبيعة هذه الشخصية محافظة وهي لا تثق بالأفكار الجديدة، كما أنها لا تسعى لتطوير وتحسين نفسها.
إن ” المدافع والمراقب” هو شخية عقلانية بحتة، خالية من جميع العواطف، وهي تسعى لأداء وظائفها بأي ثمن. سأذكر حادثة شاهدتها شخصياً تشرح طريقتها في العمل.
فقد دخلت إحدى السيدات مستشفى الأمراض العقلية نتيجة محاولتها الإنتحار. وعندما خرجت من المستشفى أجرينا معها منهج ” حوار الأصوات ” ( راجع المقالات السابقة عن الموضوع ) لكي نعالج الأسباب. قاومت كثيراً في البداية ومن ثم وافقت على مضض. وهكذا عندما خرج إلى سطح وعيها مدافعها ومراقبها شعرتُ شخصياً كأنما أحداً دفعني بقوة نحو كرسيّ، أما المرأة التي كانت تجلس كمراقبة فقد أحست كأن أحداً دفعها بقوة وسمّرها إلى الحائط. كانت هذه الشخصية سيدة حديدية فعلاً، قوية جداً وواثقة من نفسها، وقالت إنها تسكن صاحبتها منذ طفولتها.
ورغم أن السيدة كانت بعمر الثالثة والثلاثين، فإن حاميها ومراقبها أجاب على سؤال كم يبلغ عمرها، بأنها في الأربعين. وهذه الشخصية فعلاً كانت تبدو أكبر بكثير من السيدة نفسها، ومن طريقة جلوسها كان يبدو عليها الإنغلاق والإصرار والإرادة الثابتة. وعندما حاولت أن أمازحها لم يلق مزاحي أي صدى لديها. ثم سألت هذه الشخصية عما حدث، فقالت إنها عاقبت المرأة وأجبرتها على تناول الدواء لتنتحر.ثم أرسلتها إلى مستشفى الأمراض العقلية، عقاباً لها. فحين كان زملاؤها يحتفلون كانت هي وعشيقها في الغرفة المجاورة يعبران عن مشاعرهما بشكل صاخب، ولم تعترض شخصية مراقبها على ذلك ولكن الجميع في الغرفة المجاورة سمعوا فقامت بمعاقبتها على هذا. وعندما سألتها إذا كان هذا الأمر سيتكرر في المستقبل، أجابت بلا لأن السيدة تعلمت درسها.
التعليقات مغلقة.