الأسباب الخفيّة وراء البدانة وتداعياتها على نفسية من يصاب بها
الأسباب الخفيّة وراء البدانة وتداعياتها على نفسية من يصاب بها. إعادة نظر بمشكلة البدانة والحلّ الأمثل لها على المدى الطويل
نظراً للتعاظم السريع لموجة البدانة وتداعياتها التي تضرب العالم، يُرجّح أن تكون مرتبطة بالتـغيّرات التي طرأت مع نهاية القرن العشرين على العرض في المجال الغذائي من حيث الوفرة والتـنوّع بالتوازي مع انخـفاض معدل نشاطاتـنا الجسدية. فقد اعتدنا أن نستـقل سيارتـنا لنجتاز مسافة 300 متر وأن نـنـتظر المصعد لنصل إلى الطابق الثاني. علماً أنَّ الجسم النحيل أصبح في الوقت عينه مرادفاً للنجاح على المستويـين الاجتماعي والمهني. يكفي أن نـتذكر صور الأطفال الممتلئي الخدين التي ظهرت بعد الحرب واستمرت حتى السبعينيات. أو القوام الممتلئ الذي وصفـته روايات القرون السابقة أو الذي مجّدته لوحات كبار الرسامين الغربـيـين.
ويتـخذ الإتجاه الحالي نحو «النحافـة» أبعاداً خطرة ويدفع بعضنا نحو عدم الرضا عن الذات لا بل إلى تطرّف يؤدي إلى كارثـة. كما يفضي إلى نوع من «العزلة» يُفرض على من يعاني البدانـة: فالبدينون يثيرون الضحك، والهزء أحياناً. هذا فضلاً عن نوع من الحكم السلبـي الذي يمكن أن يظهر على شكل تعليقات تـنـتقص من قيمة البدين مثل: «عليه أن يفعل شيئاً ما، حمية أو ما شابه، الأمر ليس معقداً وصعباً إلى هذا الحد!»، بمعنى آخر «لا يكفي أنَّـه سمين إلاَّ أنَّـه يفـتـقر أيضاً إلى الإرادة». حسناً، اعلموا أنَّ خسارة الوزن والحفاظ على وزن ثابت بشكل دائم أمر معقّد وصعب، غالباً ما لا ينجح حين نشير إليه بكلمة «ريجيم». لا سيّما وأنـنا غير متساوين أمام السعرات الحرارية. لهذا، نجد أنـفسنا بـين أناس من «فئة البديـنـين»، لنشكّل مجموعات حيث نحاول أن نخفـف الألم والشعور السلبـي نحو الحياة.
لكن، هل هذا فعّال حقاً في مواجهة الضغوط الخارجية وحكم الآخرين؟
لا نظن ذلك، إذ من الصعب أن نحتمل نظرة الشفـقة أو الاحتـقار التي يرمقنا بها النحيلون. ومن المثير للسخط ألاّ نحظى بوظيفـة ما أو بترقية لأنـنا «بدينون»، لكن هذا أمر واقع. ومما يجرح كبرياء المرء وكرامته هو أن يعزل لأنَّ «معيار» النحافـة لا ينطبق عليه. وإقناع شخص يتألم بأنَّ حمية تمتد على بضعة أسابـيع تكفي لمنحه ذاك القدّ الميّاس الذي يحلم بـه، رياء بحت برأينا. إنَّ العديد من الأشخاص «الذي يعانون من زيادة في الوزن» والذي غالباً ما يقلقون على مستقبلهم العاطفي، أو الإجتماعي أو المهني. يتمسّكون بأوهام بعضها كاذب وبعضها الآخر يشكّل خطراً على صحتهم.
لعله من الأفضل أن نستعمل عبارة نـظام غذائي بدلاً من حمية غذائية أو ريجيم، أي إعادة تـنظيم لغذائـنا اليومي وليس حرماناً مؤقّتاً. فإعادة برمجة غذائنا على المدى الطويل يعني غياب أيّ حرمان هام أو مزعج أو مسبب لنـقص معين أو حتى اعتماد نظام غذائي لا يتماشى مع الحياة العائلية والمهنية والإجتماعية.
المرجع: ليونيل نيغون بودون وإفلين لوست مؤلفا كتاب الريجيم حقائق وأكاذيب الصادر عن دار الفراشة
التعليقات مغلقة.