ما هو الغفران وكيف ولماذا نغفر لمن أساء إلينا؟
الغفران
جاءت إليّ إحدى النساء تسألني:”قل لي من فضلك هل أنا على صواب؟ لقد ألفت دعاء وأظن أن هذا الدعاء سوف يساعدني ويساعد الناس الذين سوف أعلمهم كي يدعوا كما أفعل”.
وبدأت بتلاوة دعائها:”يا رب، إني أغفر لكل من آذاني. أغفر لأبي وأقبله كما هو. أغفر لقدري وأقبله كما هو”.
ابتسمت لها:”هل تظنين أن هذا سوف يساعدك؟”.
– لكنك تقول دائماً إن الغفران يشفي.
– يشفي إذا عرفت لأجل ماذا تغفرين. سوف أطرح عليك سؤالاً: ما هو الغفران ومن أجل ماذا تغفرين؟.
فكرت ملياً ثم سألت بحيرة:”بالفعل ما هو الغفران؟”.
قلت لها:”حسناً. سأشرح لك. إننا نغفر لكي نحافظ على الحب، لذلك الغفران هو في المقام الأول الحفاظ على الحب في النفس.
ثانياً:الغفران هو التسليم للإرادة الإلهية في كل ما جرى. إن توجيه أي أسف أو حقد أو كراهية إلى الشخص الذي آذانا، هو توجيه إلى الله. لذلك فإن التأسف على ما مضى وعدم المغفرة للشخص الذي آذانا هو معصية لله. الغفران هو قبول ما جرى والتسليم للمشيئة الإلهية، أي التسليم بأن كل حدث يجري لنا يدفعنا نحو الحب ونحو الله.
ثالثاً:الغفران هو التسليم بأننا نحن من قمنا باستفزاز الشخص الآخر بسبب تركيبة شخصيتنا القابعة في أعماق ذاتنا. الشح الداخلي والبخل يجذب اللصوصية، واللوم يجذب الخيانة، والغيرة تجذب الخيانة الزوجية، والضغينة تجذب الإهانة. إن فقدان الحب في النفس يسبب انفجار العدوانية الداخلية التي تجذب المصائب والإزعاجات:عندها قد يضر بك ويهينك شخص لا تعرفه، وقد يحدث حادث بالسيارة. الغفران هنا هو الاعتراف بالنقص وبعدم كفاية الحب في النفس، وهذا يعني الاستعداد لتغيير الذات والطبع ولتغيير النفس.
رابعاً: الغفران يعني مساعدة الشخص الذي اقترف الذنب أيضاً. إننا نحب أولادنا، لا نلومهم ولا نزدريهم، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يجوز أن نعاقبهم. التربية تعني الحب، والحب يوجد دائماً بين النقيضين أي بين الانفعالات السلبية والإيجابية. الخضوع والامتناع وكبح الذات والتضحية، كل ذلك يثير على الأرجح انفعالات سلبية، ولكن من دونها لا يمكن أن توجد انفعالات إيجابية. لذلك يعني الغفران لشخص ما استبعاد الكراهية واللوم والضغينة تجاهه ويعني أيضاً الحفاظ على الحب له ومساعدته على التطور.
مثلا ًبالنسبة للمجرم المصر على الكراهية وعلى تدمير نفسه بعناد، يمكن أن يكون الإعدام غفراناً ومساعدة له. إذا كان الإنسان يقتل في نفسه الحب ويصر على ذلك بعناد، نستطيع أن نساعده فقط بالحب والعقاب القاسي. ولكن يجب أن نفهم أن مساعدتنا له لا تعني مساعدة جسده ووعيه بل يجب أن نوجه المساعدة والإنقاذ نحو الحب في نفسه. الله يحبنا جميعاً. إنه يعطينا الحياة والصحة وكل اللذات الممكنة، ولكنه يعطينا المرض أيضاً والمصائب والموت. كل ذلك يربي فينا الحب.
سيرغيه لازاريف – Dr Segey Lazarev
التعليقات مغلقة.