رجل ثري يقرّر فجأة أن يعيش من دون المال!
العيش في الطبيعة دون المال
كيف؟ وهل ينجح؟ وهل تستطيعون أنتم أن تفعلوا ذلك أيضاً؟
قصّة تستحق أن تفكّروا بها جيداً !!
يخبرنا الإيرلندي مارك بويل الذي قرّر أن يعيش من دون مال قصته فيقول:
” لو قال لي أحدهم قبل سبع سنوات، وأنا في السنة النهائية من دراستي لإدارة الأعمال والاقتصاد، إنني سأعيش لاحقاً من دون مال، لكنت ربما اختنقت وأنا أتناول الوجبة الجاهزة اللذيذة التي اشتريتها للتوّ. كانت خطتي تقضي أن أبحث عن وظيفة جيدة، وأكسب أكبر قدر ممكن من المال وأشتري الأشياء التي من شأنها أن تجعل المجتمع يرى كم أنا ناجح.
وهذا بالفعل ما قمت به لفترة من الوقت. حصلت على وظيفة رائعة كمدير لشركة أغذية عضوية كبيرة، فاشتريت يختاً ونويت أن أستمتع بالرخاء. لكن ما حصل هو أنني حصلت صدفة على شريط فيديو بعنوان “غاندي”، جعلني أغيّر مجرى حياتي تماماً.
وبدلاً من الاستمتاع برفاه الحياة، أمضيت الأشهر الخمسة عشر الماضية، دون أن أنفق أو أحصل على قرش واحد!
كنت أشاهد الفيلم وأناقش مع صديق لي أفكاراً حول التغيير. بدأنا نتحدث عن كل القضايا الكبرى في العالم: تدمير البيئة، الحروب على الموارد، المزارع التي ترتبط بالمصانع، العمل بأجور بخسة. ورحنا نتساءل أي من هذه القضايا يمكن أن نكرّس وقتنا لحلّها، مع أننا كنّا نعلم أننا نقطتين في محيط ملوّث للغاية، لن نستطيع ربما أن نحدث أي فرق.
ولكن في ذلك المساء أدركت حقيقة جوهرية. هذه القضايا ليست منفصلة عن بعضها. الحقيقة أننا لم نعد نرى التداعيات المباشرة لمشترياتنا على الناس والبيئة والحيوانات.
لقد زدادت المسافة الفاصلة بين المستهلك وما يستهلكه كثيراً، لذلك لم نعد نعني الآن الخراب والمعاناة والفقر الذي تتسبّب به الأشياء التي نشتريها.
عدد قليل جداً من الناس يريدون فعلاً أن يتسببوا بمعاناة للآخرين، ومعظمهم ليس لديهم أي فكرة عن أنهم يفعلون ذلك بشكل غير مباشر. الأداة التي سهّلت هذا الانفصال هي المال، وخصوصاً في زمن العولمة.
إليكم مثال على ما أعنيه: لو كنّا نزرع الطعام الذي نأكله لما كنّا نرمي ثلثه كما نفعل اليوم.
لو كنّا نصنع الكراسي التي نجلس عليها لما كنّا نتخلّص منها بسرعة لتغيير الديكور الداخلي لمنازلنا.
لو كان علينا تنظيف المياه التي نشربها لما كنّا نلوّثها ونهدرها.
قررت أن أبدأ أنا بالتغيير لكن ذلك كان يعني للأسف أن عليّ التخلي عن المال، لكنّي قلت في نفسي أنني سأفعل ذلك لسنة واحدة في البداية.
حضّرت قائمة بالأساسيات التي كنت بحاجة لها للبقاء على قيد الحياة. أنا شخص يحب الطعام كثيراً، لذلك جاء الطعام في أعلى القائمة. هناك أربع طرق للحصول على طعام مجّاني: الاكتفاء بالنباتات وصيد الحيوانات البرّية، زراعة الأغذية بنفسي، المقايضة ونكش النفايات حيث يوجد الكثير منه.
في أول سنة زرعت الطعام الذي أحتاجه بنفسي وشكلت فضلات المنازل خمسة بالمئة من طعامي. كنت أطبخ في الخارج – في المطر أو في الطقس الجميل- على موقد صنعته بنفسي. وكنت أجمع الحطب وأحرقه لأطهو.
أما المأوى فقد كان عربة كارافان قديمة متوقفة في إحدى المزارع العضوية التي تطوّعت للعمل فيها وقد جهزتها حتى لا يكون فيها لا كهرباء ولا ماء.
أنا استحم في النهر، ومعجون الأسنان اعدّه من بذور الشمّار البري، أما المرحاض ففي الطبيعة وأستخدم للمسح أوراق الصحف التي تتخلّى عنها محلات بيع الصحف
المحلية ( حتى أنني مسحت مؤخرتي مرّة بقصة كتبتها إحدى الصحف عنّي). وللذهاب إلى وسط البلدة كنت أستخدم الدراجة مسافة 55 كلم وذلك أفضل من
الاشتراك بأي نادٍ رياضي. أما للإضاءة فكنت أستخدم شموعاً أصنعها من شمع العسل.
كثير من الناس اعتبروني مناهضاً للرأسمالية. وأنا أرى أن الرأسمالية معيبة لأنها تتطلّب نمواً لانهائياً على كوكب محدود الموارد.
أنا في الحقيقة لست ضدّ أي شيء أبداً. أنا أؤيّد الطبيعة، أؤيد الحياة كمجتمع متقارب ومتضامن وأؤيد السعادة التي تنتج عن ذلك. وهذه الأشياء لن أحصل عليها إذا كنت مستهلكاً يؤذي البيئة والبشر في سبيل رفاهيته.
ما الذي قدّمته لنا طريقة الحياة الاستهلاكية. كل الإحصاءات تشير إلى ازدياد مستوى الضغط النفسي والاكتئاب، والجريمة ، والأمراض العقلية ، والسمنة ، والانتحار، وهلم جراً… المزيد من المال لا يعني على ما يبدو المزيد من السعادة.
لقد وجدت هذا العام أنني أكثر سعادة في حياتي من أي وقت مضى.
أصبح لدي المزيد من الاصدقاء الحقيقيين في مجتمعي، وأنا لم أتعرّض لأي سوء منذ أن بدأت أعيش بهذه الطريقة. لقد وجدت أن حبّ الناس، وليس المال، هو الأمان الحقيقي. الفقر الحقيقي هو الفقر الروحي. والاستقلال الحقيقي هو الترابط بين أعضاء المجتمع الواحد.
هل يمكننا أن نعيش جميعاً هكذا؟ طبعاً لا! فقد يكون ذلك كارثة للأكثرية…لقد قمنا ببناء بنية تحتية عالمية حول الحياة المرفّهة. لكن إذا لم نلتزم بما تقرره لنا السلطات العليا وعدنا نعيش في مجتمعات لا تزيد عن 150 شخصاً ربما عدنا نلتصق أكثر بالطبيعة وبالبشر! أكثر من 90 في المئة من حياتنا على هذا الكوكب عشناها من دون مال. ونحن الآن الجنس الوحيد من المخلوقات الذي تستخدم المال. ربما لأننا الأكثر بعداً عن الطبيعة.
يسألني كثيرون ما هو الشيء الذي أفتقده في حياتي الآن فأقول لهم: الضغط النفسي وازدحام حركة المرور وفواتير المياه والكهرباء والديون المصرفيّة!
المصادر: بلايند فولد وورلد أوبزيرفر أونلاين
التعليقات مغلقة.