لماذا أصبحت الحساسية الغذائية منتشرة عالمياً ؟ وكيف نحمي أنفسنا وأولادنا ؟ ( الجزء الأول )
الحساسية الغذائية
هل أنتم مصابون أيضاً بدون أن تعلموا ؟
بعض الأطباء سيقولون لكم حتى أن الحساسية الغذائية “غير موجودة نهائياً” ! فأنت إما أنك مصاب بالحساسية على طعام معين، وإما يمكنك استهلاكه بدون مشكلة.
الحساسية التي يتكلمون عنها هي الحساسية التقليدية من “النوع 1″، التي تنتج ردة فعل فجائية وحادة في بضع ثوانٍ (نعرف كلنا شخصاً قد يدخل إلى المستشفى فوراً إذا ابتلع القليل من الجمبري أو الفراولة مثلاً).
لكن هؤلاء الأطباء عليهم أن يعيدوا قراءة دروس الطب : هناك شكل آخر من الحساسية هو “النوع 3” !
إنها ما نسميه عدم القدرة على تحمّل طعام ما، وهذا موجود ! المشكلة أن هذه الحساسية ليست معروفة كثيراً وأنه من الصعب اكتشافها، لأن العوارض قد تظهر بعد وقت طويل من الطعام المسبب للحساسية (حتى بعد 3 أيام !).
النتيجة : يشعر المرضى غالباً أنهم متروكين لمعاناتهم الجسدية والنفسية. ويقال لهم “كل هذا وهم، أو في رأسك فقط !”.
ما يفاقم هذه المأساة، أن عدد الأشخاص الذين يتحسسون على بعض الأطعمة يزيد بطريقة مدهشة. قد تكونون أنتم أيضاّ مصابين من دون أن تعرفوا !
الصداع النصفي، مشاكل الجلد، التعب المزمن، التهابات الأذن والأنف والحنجرة المتكررة، المشاكل الهضمية…كل هذا قد يكون ناتجاً عن أطعمة لا تلائمكم…ويكفي أن تتوقفوا عن تناولها حتى تتحسنوا !
يكفي أن يكون لدينا الحد الأدنى من الإدراك حتى نفهم أن الوباء للحالي للتحسس الغذائي لا يمكن أن يكون هلوسة جماعية !
انظروا مثلاً ما الذي جرى مع جيرار :
حساسية على البيض والطماطم والسلمون…
عندما قدم جيرار لاستشارة الدكتور روجيه موسي، الاختصاصي بالتحسس الغذائي، كان قد خضع لعدد لا يحصى من التحاليل الطبية واستشار الكثير من الأطباء واختصاصيّ التغذية.
لكن لم ينفع شيء : ظل يعاني دائماً من تعب كبير، نفخة معوية، تلبك معدي، إسهال وإمساك وآلام في البطن.
أجرى له الدكتور موسي فحصاً خاصاً. وكانت النتائج مفاجئة : جيرارد لا يستطيع تحمل العديد من الأطعمة، ومنها البيض، السلمون، الطماطم والليمون الحامض.
لم يقتنع جيرار كثيراً ولكنه قرر أن يلغي هذه الأطعمة مؤقتاً من نظامه الغذائي…والنتيجة كانت شيئاً خارقاً.
يروي الدكتور موسي تكملة القصة :
“أخبرني جيرار أنه يشعر بلياقة عالية، يمارس من جديد نشاطات رياضية؛ اختفت أيضاً مشاكله الهضمية ! علاوة على هذا، فقدَ 9 كلغ من وزنه في شهرين وانخفض مستوى الكولسترول لديه”.
طبعاً مثال واحد لا يثبت شيئاً. لكننا نجد، أينما كان، شهادات شفاء خارقة من هذا النوع !
عدد مدهش من شهادات المرضى والمعالجين
يروي الدكتور موسي، في كتابه عن الحساسيات الغذائية، قصص العديد من المرضى الذين كانوا يعانون من كل الأوجاع (صداع نصفي، أوجاع مفاصل، تعب، الخ. )…إلى أن يتوقفوا عن تناول بعض الأطعمة.
بالمجمل، تحسنت صحة مئات من مرضاه بشكل واضح بفضل إلغاء بعض الأطعمة.
هل يجب أن نصدقه ؟ نعم، لأنه ليس الوحيد في هذا المجال !
وإذا توجهتم نحو الأنترنت، ستجدون شهادات شخصية لا تحصى عن حالات شفاء، كل منها مدهشة أكثر من الأخرى.
نذكر منها قصة فلورنس آرنو، وهي ربة عائلة وأم، عندما علمت أن زوجها وبنتها ذات ال 10 سنوات، يعانيان من عدم القدرة على تحمّل بعض الأطعمة.
كانت ابنتها تُصاب، بشكل متكرر، بالتهابات الأذن، الرئتين، وكذلك بنوبات صداع نصفي عنيفة. كما كان زوجها يعاني من الصدفية، الربو وتوقف التنفس اثناء النوم.
بعض التغييرات البسيطة في نظام زوجها الغذائي، ساعدته على أن بتحسن…لكن حالة ابنتهما هي التي تحسنت بشكل مدهش : فقد استعادت عافيتها وتألقها بشكل فوري تقريباً !
ومع هذا، لم يكن التوقف عن تناول الحليب والغلوتن والبيض (وأشياء أخرى) أمراً سهلاً وممتعاً بالنسبة للفتاة الصغيرة. وكان صعباً جداً على أمها في البداية أن تطبخ من دون كل هذه المكونات ! ولكن النتائج كانت باهرة بدرجة كبيرة !
إذا أخذتم كل من هذه القصص بشكل معزول، فقد لا تعني شيئاً. ولكن عندما تكون عديدة جداً وكلها في نفس التوجه، فيجب أن نأخذها على محمل الجد. العلم لا يستبعد الحس السليم !
هناك بكل بساطة لغز علينا أن نحله : إذا لم تكن الحساسية الغذائية “شيئاً على الموضة”، لماذا أصبحت شائعة إلى هذا الحد في عصرنا، بينما كانت نادرة منذ 50 سنة ؟
هجمة لا سابقة لها على البكتيريا المفيدة في أمعائنا
إليكم بعض العناصر في أسلوب حياتنا التي تغيرت جذرياً في 50 سنة :
- استهلاك المضادات الحيوية، وخصوصاً عند النساء الحوامل والأولاد؛
- عمليات الولادة القيصرية…وغياب الإرضاع الطبيعي للأطفال؛
- استهلاك مضادات الالتهاب (ibuprofen، الخ.) أو الاسبرين؛
- الانتشار الخطير للسموم والملوثات يومياً (المبيدات الحشرية، Bisphenol A، الخ.)؛
- استهلاك القمح الحديث، الأغنى بكثير بالغلوتن من القمح القديم، في الخبز، المعجنات أو الحلويات؛
- بدون أن ننسى وباء الضغط النفسي المزمن.
ظاهرياً، هذه التغييرات لا شيء يربطها ببعضها. ومع هذا، لديها نقطة مرعبة مشتركة.
لديها كلها القدرة على تدمير حالة الفلورا المعوية (البيئة الحاضنة للبكتيريا المفيدة) لديكم بشكل قاس جداً، والاعتداء على أمعائكم، وحتى إضعاف جهاز مناعتكم…ومن هنا نقطة انطلاق الحساسيات التقليدية…وعدم القدرة على تحمل الأطعمة !
مثلاً، برهن باحثون، سنة 2014، أنه يكفي أن يتعرض الطفل لل bisphenol A خلال الحمل والإرضاع، كي يصاب، في عمر البلوغ، بعدم القدرة على تحمل بروتينات بياض البيض.
تابعوا الجزء الثاني : الحساسية الغذائية: بعض الأطعمة تسبب لك البدانة والمرض . كيف تعرفها وتتجنبها؟
قد يكون العلاج بسيطاً جداً !
المراجع
Food intolerance at adulthood after perinatal exposure to the endocrine disruptor bisphenol A. Menard S. et al. FASEB J. 2014 Nov
Intolérances alimentaires : pourquoi tant de mépris ? Avril 2011
Food elimination based on IgG antibodies in irritable bowel syndrome: a randomised controlled trial. Atkinson W, Sheldon TA, Shaath N, Whorwell PJ. Gut. 2004 Oct
Diet restriction in migraine, based on IgG against foods: a clinical double-blind, randomised, cross-over trial. Alpay K, Ertas M, Orhan EK, Ustay DK, Lieners C, Baykan B. Cephalalgia. 2010 Jul.
IgG-based elimination diet in migraine plus irritable bowel syndrome. Aydinlar EI, Dikmen PY, Tiftikci A, Saruc M, Aksu M, Gunsoy HG, Tozun N. Headache. 2013 Mar
The Effect of Elimination Diet on Weight and Metabolic Parameters of Overweight or Obese Patients Who Have Food Intolerance. Meltem Yaman Onmus, Elif Cakirca Avcu, Ali Saklamaz. Journal of Food and Nutrition Research. 2016
Eliminating Immunologically-Reactive Foods from the Diet and its Effect on Body Composition and Quality of Life in Overweight Persons. John E. Lewis et al. Obesity & Weight loss Therapy. Research article.
التعليقات مغلقة.