كيف نروّض الخوف الذي يفرض نفسه على الناس جميعاً في هذا الزمن؟
مواجهة الخوف
إنه الشعور الجاثم على صدور البشر في هذه المرحلة من التاريخ وخاصة في هذه المنطقة من الجغرافيا. الخوف من العنف، الخوف في الحاضر، الخوف من المستقبل. الجنون الحاصل في العالم، الفوضى، الانهيارات الاقتصادية، الفقر، انهيار القيم، الفهم المغلوط للتعاليم الدينيّة، وكل ما يستتبعه ذلك م مآسِ ومعاناة، يدفعنا للتوقّف أمام الشعور الذي يُنتج مثل هذا السلوك الانتحاري الجماعي.
الخوف أمر طبيعي ورد فعل غريزي على أي تهديد، سواء أكان تهديداً حقيقياً أم متوهّماً. بعض الخوف مبني على وقائع وبعضه على مخاوف وبعضه على إرث وصلنا من أسلافنا الذين كانوا يخافوا من أفعى سامة أو وحش كاسر أو بشري آخر يحمل سلاحاً أمضى من سلاحهم.
الشعور بالخوف يضعنا أمام ثلاثة خيارات لا رابع لها على ما قيل لنا: الهروب، المواجهة أو الجمود.
قلّة الخيارات هذه رحمة لأننا في حالة الخوف الشديد لا نستطيع أن نحلّل الظروف بوعي لنتّخذ الخيار الصحيح.
المواجهة أو الهروب غريزيان أما الجمود فهو كتم الأنفاس والانتظار السلبي ريثما تنجلي الأمور ولعلّه الخيار الأخطر.
لنتخيّل أننا نقف على الجمر. التقدّم إلى الأمام أو الرجوع إلى الوراء أفضل من المكوث في مكاننا.
في معظم الأحيان يكون الخوف نتيجة مخاوف لم يتمّ التفكير بها بعمق وأفلتت من مجهر العقل. لنوضح مخاوفنا علينا أن نطرحها على بساط البحث فربما يكون الظلّ الذي تلقيه في قلوبنا أكبر منها.
لكي نضع هذا الخوف في نصابه الصحيح علينا أن ندعه يلعب دوره الإيجابي الأول، وهو حمايتنا. وعندما نتصالح مع هذا الخوف سنسمح لأنفسنا بأن نخاف قليلاً عوض أن نحكم على أنفسنا بالجمود. لنقل لأنفسنا:” لا بأس، يمكنك أن تخافي. لا عيب في ذلك أبداً.” تلك هي المصالحة. إنها قبول ذلك الخوف كجزء منّا والبحث تالياً عن جذوره.
إذا عدنا إلى التاريخ نتصفّحه نجد أنه في مراحل بالغة الخطورة، حين كانت طبول الحرب تقرع والبشر يهاجرون ويُهجّرون، كانت قلة من الناس تتابع عملها بهدوء العارف. منهم من أكمل تعليمه وحقق مراتب عالية. ومنهم من صعد إلى القمر واكتشف النجوم، ومنهم من بلغ أعلى القمم في العالم، ومنهم من ابتكر وصنع وألّف وكتب ورسم. ألم يكن الخوف ملازماً لهؤلاء؟ بالطبع بلى. لكنهم حوّلوا هذا الشعور الغريزي إلى حليف.
بين الهروب والمواجهة والجمود هنالك بالفعل خيار رابع وهو الحركة والمقاومة الإيجابية والإيمان والرجاء المقترن بالعمل، لأن كل فوضى مصيرها الانتظام، وكل عاصفة لا بدّ أن تهدأ. ومن يصبر إلى النهاية يخلص!
المصدر:فاديا عبدوش
التعليقات مغلقة.