الضغط النفسي ليس دائماً سيئاً

إيجابيات  الضغط النـفسي

ليس الضغط النـفسي مفيداً أو مؤذياً بحدّ نـفسه. ما يحدّد الفرق هو كيفية استجابتـنا للعوامل المسبِّـبة للضغط النـفسي أو ردّة فعلنا عليها فالبعض يستـفيد من هذا الضغط الخارجي للوصول إلى غاياته، في حين أنَّ البعض الآخر يواجهه بالهلع أو الإنكار.

لماذا هذا الاختلاف وما السبب؟

قد يجد البعض أنَّ تحديد مهلة نهائية لتسليم عمل مثلاً يحفّزه لإظهار مزيد من الإبداع، في حين أنَّ البعض الآخر يجمدون ويعجزون عن القيام بأي عمل.
الفارق هو في الطريقة التي نـنظر بها إلى قدرتـنا على التـفاعل مع الأمور. إذا ما اعتبرتم أنَّـكم قادرون على التعامل مع وضع معيّن واعتبرتم أنَّـه وضع يثير إبداعكم ويجعلكم تشعرون بالقوة والسلطة، فلن تستجيـبوا عندئذٍ بشكل سلبي للضغط الخارجي. ولكن إذا ما نظرتم إلى أنـفسكم على أنَّـكم غير قادرين على المواجهة وتخشون مما سوف يحدث وتبدأون بالتعرّق، فسرعان ما ستظهر عليكم مجموعة مختلفة من أعراض الضغط النـفسي. إنَّ هذه الصورة التي تشكّلونها عن ذواتكم مبنية على تاريخكم الشخصي وطفولتكم أو على المعتـقدات أو الدين أو المحيط الاجتماعي، لكنَّ اقـتـناعكم بعدم قدرتكم على المواجهة هو ما يحدّد رد فعلكم وليس أي عوامل خارجية أخرى. وتؤدّي هذه الطريقة في النظر إلى الذات إلى مشاكل في الهضم وتسارع نبضات القلب وزيادة إفراز الهرمونات من دون أي سبب جسدي مباشر.

إلاَّ أنَّ العلاقة بـين الذهن والجسد هي بالطبع أعمق من مجرّد نظرتكم لذواتكم تجاه الأوضاع المسبّـبة للضغط النـفسي. فإنَّ أي انـفعال يتم كبته أو تجاهله يُحتَجز في الجسم. بتعبـير آخر، إنَّ الأفكار والمشاعر التي لا تعترفون بها أو تـتعاملون معها أو تحلّونها أو تشفونها تكشف عن نـفسها في مكان آخر.
«إذا كانت امرأة تدخّن لتخفيف الضغط النـفسي الناتج عن فشل زواجها، فما هو «سبب» سرطان الرئة الذي تعاني منه؟ هل هو استعداد وراثي؟ أو التدخين نـفسه؟ أو علاقـتها مع زوجها»؟ ما مدى احتمال شفائها إذا ما تم استـئصال رئتها من دون أن تغيّر ظروفها الزوجية، أو تبحث في معالم شخصيتها عمّا جعلها تبقى تعيسة طيلة تلك الفترة؟».

إنَّ هذا الفحص الذاتي للأفكار والمشاعر الداخلية ليس بالأمر السهل. قد تـفضّلون الاعتـقاد أنَّ المرض الذي تعانون منه ناتج عن عامل خارجي ولا صلة له بأفكاركم أو مشاعركم أو سلوككم. قد تـفضّلون الاعتـقاد أنَّـه موروث أو ناجم عن مواد غريـبة مثل الفيروسات أو الجراثيم أو التلوّث. عندما تُصابون بالمرض تشعرون دائماً أن لا سيطرة لكم على الوضع وأنَّـه لا حول لكم ولا قوّة. صحيح أنَّـكم تحيون داخل جسدكم لسنوات عديدة إلاَّ أنَّـه عندما يحدث خلل أو سوء ما، تشعرون وكأنَّـكم تعيشون داخل جسم غريب تماماً. المرض يقطع الصلة بـينكم وبين جسمكم فـتصبحون غير قادرين على فهم كيفية عمل هذا الغريب أو سبب توقّـفه عن العمل. عن طريق البحث عن الأسباب العميقة للمرض، تـتجاوزون الأسباب الجسدية الظاهرة لتبلغوا طبقات أكثر دقّة من الترابطات النـفسية. لمساعدتكم في البدء بهذه العملية في داخلكم، جرّبوا تطبـيق «تمرين إدراك الجسم» أدناه.

تمرين إدراك الجسم
تمرّنوا على مراقبة التأثيرات الجسدية التي تظهر في جسمكم نـتيجة أفكار أو مشاعر مختلفة. من المستحسن تدوين هذه التغيّرات الجسدية في دفتر يومياتكم.
انتبهوا للأوقات التي تكونون فيها شديدي الانـفعال سريعي الغضب أو محبطين
لاحظوا كيف تـنعكس هذه المشاعر على جسمكم. إذا كنـتم عالقين في زحمة سير أو تأخّر زبون عن الموعد أو استمر الأولاد بمقاطعة حديثكم، ماذا يحدث لتـنفّسكم أو كتـفيكم أو ظهركم أو معدتكم؟.
حلّلوا المرض والإصابات
ارجعوا بالذاكرة إلى أمراض سابقة أو أوقات سابقة تعرّضتم فيها للأذى. تذكّروا الأعضاء التي تعرّضت للمرض أو الإصابة في جسمكم. هل شددتم دائماً عضلات معدتكم؟ هل عانيتم دائماً من صداع متكرّر؟ هل شعرتم دائماً بالألم أو أصبتم في المنطقة نـفسها من الجسم؟.
راقبوا ردود فعلكم وجسمكم، وسترون مدى تشابك كيانكم على المستويـين الجسدي والنـفسي.

إيجابيات الضغط النـفسيالذهن والجسدالمشاعر الداخليةتطوير ذاتي