التأثير السلبي للأخبار
هل تستطيع أن تتذكّر الأخبار السعيدة التي سمعتا في النشرات أو البرامج الإخبارية؟ ما هو نوع الأخبار التي تصلك عبر هاتفك الخليوي كل يوم؟
إذا راقبتها جيداً لوجدت أن 99% منها أخبار سلبيّة فيها الكثير من العنف والحقد والنزاعات والشرور والأخبار التي تجعلك تقول: “أي غابة هي الدنيا التي نعيش فيها؟”
لكن في الواقع ثمة أشياء وأحداث وأخبار إيجابية كثيرة في العالم تستحق أن نعرفها ونطّلع عليها لأنها ليست فقط إيجابية بل هي ملهمة وتدفعنا للتفكير بشكل بناء وتعطينا أفكاراً لما يمكن أن نفعله عوض الجلوس مكتوفي الأيدي نصفّق لمن يهدم حياتنا وننتقد ونشتم الآخر الذي لا يشبهنا برأينا.
الأخبار التي نتلقاها يومياً تشوّه الكثير من نواحي حياتنا:
-تسبب لنا الضغط النفسي: لأننا نعيش على وقعها ولأنها تربطنا بالأحداث اليوميّة لحظة بلحظة ما يمنعنا من رؤية الصورة الكبيرة للأمور.
-تجعلنا إنفعاليين: تربط انفعالاتنا بالصورة أو الخبر الآني فتتكوّن لدينا حالة فعل ورد فعل. هذه الدوامة يمكن أن تدوم لوقت طويل جداً ما لم نتراجع للتفكير بما نسببه من تشويه لنفوسنا.
-تحرمنا من الفرح: الأخبار المحبطة التي لا نحتاج لمعرفة معظمها تؤثّر مباشرة في مزاجنا. ويمكن أن تسبب لنا حالة إحباط وحزن عميق بطريقة لا واعية. نتساءل لماذا نشعر بعدم القدرة على التحرّك وبعدم الحماسة على الحياة ولا نعرف أننا سقطنا تحت وطأة جرعات الإحباط اليوميّة التي نتلقّاها من وسائل الإعلام كافة.
-تعيق طموحاتنا: كم من مشروع تأجّل وظلّ رهن الظروف؟ لكن دعونا نفكّر قليلاً. ألا ترون معي أن ثمة أشخاص لا يتأثرون بالظروف وينطلقون في حياتهم كأن لا شيء يجري من حولهم ويحقّقون أحلامهم ويزدهرون في أحلك الظروف؟ في الواقع إن ربط مصيرنا وحياتنا بالظروف قد يؤدّي إلى مرور الزمن من دون أن ننجز شيئاً. هذا لا يعني ألا ندرس مشاريعنا ونخطط لها ونتحيذن الفرص المناسبة بل يعني أن لا نرهن حياتنا للظروف. نحن كائنات ذكيّة وقوية ومؤهّلة للإبداع في كل الظروف. المرونة تلعب دوراً أساسياً هنا والقدرة على التكيّف هي التي تنقذ الفرد.
-تنقل إلينا عدوى الانفعالية والغضب: هل تلاحظ ما يحصل في داخلك حين تشاهد برنامجاً إخبارياً أو سياسياً؟ تعلو فيك موجة غضب وتبدأ حتى بالتصرّف بعدائية. البعض يطلق الشتائم ويهاجم الخصم عبر الشاشة وكأن الآخر يسمعه. وفي بعض الأحيان قد يتطوّر ذلك إلى خصامٍ وحتى عداء بين أشخاص مقرّبين.
-تجعلنا تشعر بالغيرة: كم من مرّة شاهدت على الشاشة أشخاصاً وقلت في نفسك:” انظر أين أصبحوا! لو أنني فعلت كذا وكذا لكنت الآن مثلهم!”. الشعور بالغيرة يلقي اللوم على الآخرين ويجعلك تهدر طاقتك على التحسّر عوض العمل.
-تحرمنا من التفكير النقدي: لقد أصبحت متلقياً بامتياز. يقولون لك أن الحالة الاقتصادية متردّية وأن الأحوال الأمنية سيئة وأنت تشعر بالإحباط وتتقبّل هذا الواقع وتقول: ” ماذا أستطيع أنا المسكين أن أفعل؟” لكن هل حاولت يوماً أن تحلّل ما تسمعه وأن تفكر بطريقة معاكسة له. من يفعلون ذلك هم الأشخاص الذين ينجحون في تحقيق شيء من لا شيء.
ما العمل؟
أنشء من حولك شبكة أمان. ابتعد عن مصادر السلبية كنشرات الأخبار وألغِ اشتراكك في خدمة الأخبار العاجلة التي تبقيك طوال اليوم في حالة تأهب واستنفار. أخرج رأسك من العلبة التي وضعوك فيها. أحط نفسك بأشخاص إيجابيين طموحين ساعين إلى التغيير. قم بالأشياء الإيجابية التي يمكنك أن تقوم بها في ظلّ الظروف التي تعيشها. مهما كانت هذه الأشياء بسيطة. هذه الظروف ليست قدراً. فإذا كنت سائراً في طريق وانتصبت أمامك فجأة صخرة، ماذا تفعل؟ هل تقف؟ هل تنتظر أن يأتي أحد ويزيحها؟ أم أنك تتسلّقها وتكمل طريقك؟ أو تلتفذ حولها وتتابع مسيرتك؟
المصدر: فاديا عبدوش