تغيير القدر
يشعر اللاوعي مسبقاً بالموت ويعلم به قبل وقوعه، وأحياناً يظهر ذلك على هيئة مؤشرات ملموسة ومادية. أذكر قصة غير عادية روتها لي امرأة.
– كنت أتنزه ذات يوم في المدينة ورأيت في إحدى الزوايا مجموعة من الناس. اقتربت منهم ونظرت من فوق كتف أحدهم فرأيت رجلاً جالساً على مقعد، وكان يقرأ خطوط الكف لمن يرغب مقابل أجر بسيط. وقد دفعني الفضول لأخذ دوري، وعندما وصلت إليه مددت يدي. لم ينظر إلى وجهي، نظر فقط إلى خطوط يدي وقصّ عليّ كل شيء: من أنا، ماذا كان لديّ في الماضي ” عندك ولد واحد، بنت، وهي ستموت قريباً. عليك الاستعداد لذلك”.
كنت أرى دائماً علامات التعاسة على ابنتي ولكنني لم أعر ذلك اهتماماً. لا أذكر كيف عدت إلى البيت، ولكني أمضيت ثلاثة أيام في البكاء، وكنت أقرأ خلالها كتبك. وفي اليوم الرابع ذهبت إلى المكان ذاته.
كان قارئ الكف هناك. وقفت مرة أخرى في الدور واقتربت منه. لم ينظر إلى وجهي كما في المرة الماضية، بل نظر إلى كفي فقط. ومرة أخرى كرر لي ما قاله كلمة بكلمة، كل ما كان، وما هو في الحاضر، ولكن شيء ما تغير:
– لديك ابنة غير عادية، لديها خلق قوي، وينتظرها مستقبل كبير.
– ولكنك منذ ثلاثة أيام قلت لي إن ابنتي سوف تموت، وقد كنت تنظر إلى المكان ذاته من يدي عندما قلت لي ذلك.
تناول كفي مرة أخرى وتفحص الخطوط بتمعن. سكت قليلاً ثم قال:” أنا أقول لك ما أراه. لا وجود لموت ابنتك على كفك الآن”.
لم أعد أندهش عندما يروون لي مثل هذه القصص. لا أشعر بالزهو ولا بالفخر من كون الحياة أثبتت صحة دراساتي مرات كثيرة. أنا أرى حولي هذه الأمور تحدث باستمرار. فالإنسان الذي يغيّر في مشاعره وعواطفه ورغباته وانفعالاته، من السلبية إلى الإيجابية، من العدوانية والرفض إلى الغفران والتقبّل، يغيّر في الوقت نفسه اللاوعي لديه. إنه يغيّر طبعه، قدره، مسار الأحداث كله في مستقبله. يمكنه أن يغير مصير وصحة أولاده وحتى أقربائه الأبعد.
إن الاستعداد للتغيير يتطلب الاستعداد لكبح رغبات الذات، لقبول الألم، إنه يتطلب الاستعداد للتضحية والغفران، الاستعداد لدفع حب الله إلى المقام الأول، والاستعداد للتضحية من أجله بالسعادة الإنسانية بشكل دوري. يجب أن يتغلب الحب ليس على النقود فقط، بل يجب أن يتغلب على رغباتنا وإرادتنا ومفاهيمنا عن العدالة.