قد يبدو من الغريب أن نتحدّث عن تعزيز الصحّة العقلية عند الأطفال.
أفليس من المفترض أن يتمتّع الأولاد طبيعياً بعادات ذهنية حسنة؟ أليس من المفترض أن تكون الطفولة مرحلة من الحياة تتّصف بالاسترخاء يكون فيها الطفل متحرّراً من الضغوطات والتوتّرات التي ترافق عادة حياة البالغين؟
للأسف، لا يبدو الأمر كذلك. فبحسب “الجمعية النفسية الأسترالية”، يتعرّض واحد من كل سبعة أطفال أستراليين لمشكلة ذهنية من نوع ما، وأكثر هذه المشكلات شيوعاً اضطراب فرط النشاط وقلّة التركيز ADHD والقلق والاكتئاب.
والتمتّع بصحّة عقلية جيّدة لا يعني أن الأطفال لا يختبرون صعوبات أو هموماً. الشعور بالقلق أو الحزن أو الخشية أمر طبيعي. والأطفال الذين يتمتّعون بالصحّة العقلية مجهّزون للتعامل مع العديد من العثرات والعوائق التي تضعها الحياة في طريقهم. كما أنهم لا يدعون انفعالاتهم تغمرهم. لذلك فإنهم يتعلّمون بشكل أفضل ويقيمون أيضاً مزيداً من الصداقات.
كأهل، من المفيد أن تفكّروا في العادات العقلية الحسنة التي تعزّزونها في أطفالكم. وفي ما يلي طرق لتعزيز الصحّة العقلية والراحة النفسية والجسدية عند الأطفال:
1. كونوا القدوة في العادات العقلية الحسنة: إذا كنتم تعيشون ، مثل العديد من الأهل، في جوّ من الضغط والإجهاد المستمرّ، فكّروا في طرق لتخفيف هذا الضغط الى أقصى حدّ ممكن، كأن تمارسوا الرياضة بانتظام وتحصلوا على قدر كاف من النوم وتقوموا بتمارين الاسترخاء. لن يحسّن ذلك فقط صحّتكم العقلية ويجعل الحياة معكم أسهل، لكنّه سيبعث أيضاً برسالة إيجابية قوية مفادها أن الصحّة العقلية أمر هام. ومن المفيد أن نتذكّر أن الأطفال يتعلّمون ما يعيشونه، لذا فاحرصوا على أن يلمسوا العادات العقلية الصحية الحسنة لمس اليد.
2. أحرصوا على أن ينالوا كفايتهم من النوم: النوم هو أحد حجارة الأساس التي تقوم عليها الصحّة العقلية والراحة النفسية والجسدية. يعاني العديد من الأطفال وربما جميع المراهقين من نقص في النوم في الوقت الحاضر. وهذه حالة العديد من الأهل أيضاً. يحتاج الأولاد 10 الى 12 ساعة من النوم ليتمكّنوا من النمو بالشكل المطلوب، في حين يحتاج المراهقون الى الى 9 ساعات كحدّ أدنى. ومن الاستراتيجيات الأكثر فعالية لتحسين قدرة الأطفال على التعامل مع الظروف الضاغطة أو المتغيّرة هي في الحرص على أن ينالوا كفايتهم من النوم.
3. شجّعوا أولادكم على ممارسة الرياضة: عندما كانت أمّي تقول لي منذ سنين مضت أن أطفىء التلفزيون وأذهب للعب في الخارج، لم تكن تعلم أنها تعزّز الصحّة العقلية. كانت تعلم فقط أن أن النشاط البدني مفيد لصبي نشيط في طور النمو. يحصل الأولاد اليوم على قدر أقل من التمرين البدني ممن سبقوهم في الأجيال الماضية، وهذا أمر يعيق الصحّة العقلية. ينبّه النشاط البدني اطلاق الكيميائيات التي تحسّن المزاج وتسمح بالتخلّص من الضغط النفسي الذي يتراكم طوال النهار. ان الحد الأدنى من الحركة للأولاد هو ساعة في اليوم. فما مقدار التمرين البدني الذي يناله طفلكم في اليوم؟
4. شجّعوا الأنشطة الإبداعية: يجدر بالأطفال ممارسة نشاط إبداعي حتّى وإن اقتصر السبب على أن الإبداع يساعدهم على اختبار حالة “الانجرار”. وهي الحالة التي يصبح فيها المرء مستغرقاً في نشاط معيّن بحيث ينسى الزمان والمكان. ويفهم الكتّاب وغيرهم من المبدعين مفهوم “الانجرار”. انها حالة تمدّ الأطفال بالطاقة وتساعد على إخراج الأطفال الذين يعانون من الضغط النفسي والإجهاد والقلق من الحالة المسيطرة عليهم.
5. أمّنوا لهم مكاناً خاصّاً بهم: يستفيد الأولاد من كافة الأعمار من الحصول على مكان خاص بهم حيث يمكنهم التفكير. ويمنح الوقت المخصّص للهدوء والراحة الفتيان فرصة ترك أفكارهم تجول في رأسهم. ويساعدهم كذلك على التعرّف على أنفسهم بشكل جيّد وحتّى على الشعور بالرضا من ذواتهم. يعطي الفتيان، بوجه الخصوص، أفضل ما عندهم عندما يفكّرون بمفردهم، لذا فإنهم يميلون الى الانفراد في كهفهم (غرفتهم) عندما تسوء الأحوال في المدرسة أو في علاقاتهم مع الآخرين. يحتاجون الى الدخول الى ذواتهم ليجدوا الجواب بأنفسهم