الكلمة كالسيف قادرة أن تقطع الروح وتؤثر في أولادنا أكثر من الضرب أحياناً. وهناك كلمة لا يتوانى الأهل عن نعت أولادهم بها على الطالع والنازل. هذه الكلمة هي:
كسول
لا تفعلوا هذا أبداً. إياكم ومناداة ابنائكم ” بالكسولين “. إنه نعت يحمل الكثير من المعاني الاجتماعية والنفسية التي يبدو أن الأهل غير قادرين على فهمها. إنه يجعل الأمور أكثر سوءاً. والأهل لايستعملونها إلا في الحالات التي يشعرون بها بالإحباط أو عدم القدرة على الصبر .
قد يكون لهذه الكلمة أثر جيد عندما تعتبر استثناء وليس قاعدة، عندما ينظر إليها على أنها نوع من الكسب وليست إهانة. ” لديك يوم كسل ” على سبيل المثال، قد يعني مكافأة للفرد حيث يمكنه الاستلقاء على ظهره والاسترخاء دون التفكير بجدول أعمال حافل. هذا هو الإستثناء. أما القاعدة فهي وصف شخص ” بالكسول ” بسبب عدم قيامه بما هو متوجب عليه من أعمال. ” الكسل ” عدو أبدي “للعمل”.
بالنسبة لبعض الأهل، قد يشكل المصطلح أو التعبير ” الكسول ” إحياء لمفاهيم متوارثة تحتقر الخمول والتكاسل، وتعتبر الكسل خطيئة, وإذا كان هؤلاء الكبار ممن يقدسون العمل ويعتبرونه قيمة أخلاقية، فلا شك سيصابون بخيبة أمل حين يرون أبناءهم اليافعين متخاذلين ولا يشاطرونهم ذات المفاهيم.
المشكلة هنا, هي أنه ليس الأهل الذين خاب أملهم هم وحدهم من يجرون هكذا مقارنة بل حتى الأولاد والمراهقين يحكمون على أنفسهم بقسوة أكثر مما يفعل الأهل. فاتهام صبية بأن آراءهم ومعتقداتهم ليست واقعية إلى حد ما قد يجعلهم يشعرون بالإهانة، فهؤلاء الصبية ما يزالون بحاجة للإعتماد على أهلهم ويتمنون لو كان بمقدورهم فعل كل ما يريدون فعله، لكنهم لا يدرون ماذا عليهم أن يفعلوا .
نعتك أحداً بالكسول وبقلة الثقة بالنفس أو مجرد الاعتقاد بينك وبين نفسك بذلك يعتبر إهانة، والكلمة تكون لاذعة قاسية أحياناً كثيرة.
في الواقع كلمة “كسول” تعني ضمنياً اختصاراً لمعاناة طويلة من الاحتقار، والولد يعرف جيداً أن “الكسول” إنسان دنيء وخسيس.
ومن ثم هناك مسائل أكثر أهمية وأكثر خطورة. لنفترض أن الأهل اعتبروا علامات الكسل هي: عدم الرغبة في العمل، التظاهر بالتعب كلما كان هناك عمل مطلوب القيام به، الرغبة في التسكع والنوم لفترات طويلة، الرغبة في اللهو بالألعاب الإلكترونية، عدم المشاركة في النشاطات العائلية إلا فيما ندر. يتذمر الأهل قائلين: ” الأمر الوحيد الذي يرغب فيه إن في المدرسة أو البيت هو الإمتناع عن العمل “، ” إنه خامل على كافة المستويات “. ولكن هل هو فعلاً كذلك ؟
لنأخذ بعين الاعتبار عدة احتمالات تحول دون القيام بالعمل:
لنفترض أنه يحب اللعب وهو غير قادر على التركيز لفترة طويلة ليتمكن من عمل الكثير ..
أو لنفترض أنه غير منظم لا يمكنه توحيد جهوده .
أو لنفترض أن لديه رغبة داخلية برفض عمل كل ما يطلب منه فعله.
أو لنفترض أنه سريع الشعور بالملل والضجر، غير قادر على الإبداع ولا يجد شيئاً مفيداً.
أو لنفترض أنه ملتزم بمجموعة من الرفاق وينفذ رغباتهم فقط.
أو لنفترض أنه يعتبر فعل الكثير من اي شيء امراَ غير مستحب.
أو لنفترض أن تكرار الفشل أثبط همته فما عاد يرى ضرورة للمحاولة من جديد.
أو لنفترض أنه في غاية الإحباط بسبب خسارة ما فما عاد يمتلك القدرة على الإهتمام.
أو لنفترض أنه مرهق جداً ولم يعد قادراً على تلبية المزيد.
أو لنفترض أنه مربك وغير قادر على التفكير بما عليه فعله.
أو لنفترض أنه مدمن وأن تعاطي المخدرات هو ما يشغل تفكيره.
أو لنفترض أنه تعود على المماطلة وليس بمقدوره الارتباط بالمواعيد المحددة.
لنصرف النظر عن عدم وجود حوافز تجعله يبذل جهداً، أو يستمر في المحاولات لإنجاز العمل، فيبدو وكأنه متكاسل، وقد يتغاضى الأهل عن أمور تحتاج للمعالجة .. وما يبدو أنه ” تكاسل ” بسبب فقدان الحوافز قد يكون يخفي أموراً أكثر أهمية.
بالنسبة لي كعالم نفسي، أرى أنه ليس مستحباً استعمال تعبير ” كسول أو خامل ” لمخاطبة المراهقين أو أي إنسان آخر.
بشكل عام أرى أن هناك شخصاً ما يصدر أحكاماً تلحق الضرر بالآخرين.
هكذا، إن كنت على وشك استعمال هذا التعبير أو المصطلح، فأقترح عليك التروي لفترة كافية تهدئ فيها أعصابك .
اسأل نفسك ” ما الذي يفعله، أو لا يفعله هذا الفتى، الذي أنعته بالكسول ؟”
لربما ينام إلى بعد الظهر أيام نهاية الأسبوع أو يتحاشى القيام يالمهام الصعبة. إذا كان الأمر كذلك فتحدث معه عن سلوكياته هذه التي تثير القلق وابتعد عن نعته ” بالكسول”. فانتقاد شخصية أي إنسان سيجعله يشعر بأنه شخص سيء.
عليكم الأخذ بعين الاعتبار أن ما يبدو لكم دليلاً على التكاسل، قد يشير إلى قضايا أكثر أهمية تستوجب القلق والتنبه لها .