أهمّية الصداقة في حياتك
ثمّة شكوى شائعة بشأن الحياة في المجتمع الحديث وهي التالية: «لا أستطيع الحصول على أصدقاء». قامت إحدى الدراسات ببحث واسع ومفصّل لهذه الظاهرة. يبدو أن علماء الاجتماع يعزون هذه الظاهرة إلى تفكك المجتمع. فهجرة الناس خلال النصف الأخير من القرن العشرين من المدن الصغيرة إلى الكبرى منها وتوسّع الضواحي جعلت التفاعل بين الناس على مستوى أبعد من المستوى السطحي أكثر صعوبة.
فما أهمّية الصداقة وما هو انعكاسها على صحة الإنسان النفسية والجسديّة؟
في عمله الكلاسيكي The Great Good Place حدد عالم الاجتماع راي اولدنبرغ الأماكن الثلاثة التي تلعب الأدوار الأهم في حياتنا. المكان الأول هو البيت الذي نستخدمه للانسحاب من العالم الخارجي وهدفه الأساسي هو الانعزال عن المجتمع وليس الانخراط فيه.
المكان الثاني هو العمل حيث نلتقي الكثير من الأشخاص لكننا لا نعقد سوى القليل من الصداقات نظراً لأن كل واحد يعيش في مكان آخر… ويختبئ هناك بعد العمل مباشرة. كما أن أماكن العمل تخضع لقيود تعيق قدرتنا على التفاعل بحرية.
المكان الثالث هو نقاط التجمّع العامة وغير الرسمية كالمقاهي مثلاً والانترنت. إلا أن الدراسات تظهر أن العلاقات المباشرة وجهاً لوجه أقوى من العلاقات عبر الانترنت إذ من الأسهل أن نؤسس لحميمية معيّنة وثقة متبادلة فيما نحن نتفاعل من دون وساطة لوحة مفاتيح الكمبيوتر.
وفيما تضاءلت فرص عقد الصداقات، تزايدت الدراسات بشأن منافعها الصحية. فوجود الأصدقاء يمكن أن يقلل الضغط النفسي والقلق: أظهرت دراسات عديدة أن وجود الدعم الاجتماعي يخفف ضربات القلب السريعة، ويخفّض ضغط الدم ويعزز رد الفعل على الضغط النفسي. ووجدت مقالة نشرت في مجلة الجمعية الطبية الوطنية في العام 2009 أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يريح من الضغط النفسي؛ كما أظهرت الدراسات أيضاً أن الأشخاص الذين يحظون بدعم حميم من الأصدقاء والأهل يسجلون معدلاً أقل من المواد الكيميائية المسببة للالتهابات في الدم.
وأثبت باحثون جامعيون من ولاية أوهايو ومن جامعة كارنغي ميلون في بيتسبرغ أن جهاز المناعة أقوى لدى الأشخاص الذين يتمتعون بدعم اجتماعي قوي وأنّ هؤلاء أقل عرضة للإصابة بالأمراض المعدية. من ناحية أخرى، رأت دراسة استرالية امتدت على عشر سنوات أن إمكانية وفاة الأشخاص المسنين الذي يملكون مجموعة كبيرة من الأصدقاء أثناء الدراسة أقل بمعدل 22% من أولائك الذين لا يملكون الكثير من الأصدقاء.
إن وجود الأصدقاء أو غيابهم يتقاطع مع مجموعة واسعة من الأمراض. أظهرت دراسة أجريت في هارفرد في العام 2008 أنّ العلاقات الاجتماعية القوية يمكن «(أن تحمي) من فقدان الذاكرة ومن اضطرابات إدراكية أخرى». وأظهرت دراسة نُشرت في العام 2006 في مجلة علم الأورام السريري أنّ «النساء المعزولات اجتماعياً معرضات أكثر من سواهن للموت بعد تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي، على الأرجح بسبب غياب الرعاية والاهتمام بهن لا سيما الرعاية المفيدة من الأصدقاء والأقارب والأولاد الراشدين».
المصدر: كتاب “أسرار الناس الذين لا يمرضون أبداً” الصادر عن دار الفراشة
للمزيد من المقالات عن “ طوّر ذاتك وغّير حياتك“
تابعونا على
https://twitter.com/tawerzatak
https://plus.google.com/115523818535313504415