الدافع المحفّز
إن الدافع مسؤول عن تصرفاتنا مع أنفسنا ومع العالم الخارجي. وبفضل الدافع فقط نستطيع أن نتصرف ونحقق الأهداف المرسومة. إن الدافع القوي يساعد في تحقيق النجاح في الحياة فعلياً، لكنه يمكن أن يسبب لك الشقيقة وآلام الظهر والنوبات القلبية، كما قد يدفعك للشعور بالضجر من الحياة.
التعرف على هذه الشخصية سهل جداً، من الكلام الذي تخاطبنا به باستمرار، مثل: ” الكتب التي لم تقرأها بعد، الدرس الذي لم تنهه بعد، سريرك الذي لم ترتبه، الرياضة التي أهملتها، العمل الذي لم تنجزه…”. ومهما قمت بأي إنجازات، يبقى عملك بلا تقدير عند هذه الشخصية، فهي تزيد دائماً أموراً كثيرة إلى قائمة أعمالنا.
لكي تشعر بتأثير هذه الشخصية الداخلية، حاول أن تفكر بما يجب عليك فعله في مختلف مجالات حياتك. إن الدافع هو الذي يمنعنا من البقاء في السرير لوقت أطول ومن صرف أي وقت مع ذاتنا.
تنمو شخصية الدافع منذ الصغر بشكل كبير بفضل الأهل والمدرسون وأرباب العمل، وهي تسيطر على وعي الأشخاص المتكبرين سيطرة تامة، ومن مظاهرها ألا يأخذ الشخص إجازة لمدة سنوات طويلة.
إن شخصية الدافع تجعل عقلنا وجسمنا تحت ضغط نفسي وجسدي مستمر. إن هذه الشخصية هي التي توصل الناس إلى الانهيار تحت ضغط العمل، وهي التي تقود الطلاب إلى الجنون خلال تقديمهم للامتحانات….
إليك الآن أحد أوضح الأمثلة التي تظهر لنا كيفية عمل الدافع :
لا شك أنك مررت في حياتك بلحظات قررت فيها بأنه آن الأوان لتبدأ بممارسة التمارين الرياضية. فبدأت باستجماع قواك وأخذت تقنع نفسك بأن ذلك ضروري وأنك ترغب بذلك فعلاً، فخرجت إلى الشارع نشيطاً في الصباح الباكر وأنت ممتلئ قوة وفخراً بأنك تغلبت أخيراً على كسلك، ثم يحدث بعد ذلك هذا السيناريو الذي يتكرر كل مرة تحاول أن تجرب فيه قوتك:
أنت تركض مستمتعاً مسروراً بنفسك وبإصرارك على تغيير حياتك بصورة كاملة، وترى نفسك في المستقبل مختلفاً تماماً من الخارج والداخل، والعالم كله عند قدميك، فتركض وتركض وتركض. ثم تسمع صوتاً داخلياً يهمس لك بأنه آن الأوان لترتاح، ولكنك لا تلتفت له وتتابع الركض مستمتعاً بقوتك وبمعنوياتك العالية.
وأخيراً تشعر بالتعب وتعود إلى البيت في مزاج رائع، وكلك إصرار على متابعة التمرين غداً، وفي نفس الوقت ينتابك إحساس ضعيف أنك أجبرت نفسك على ذلك. وعندما يأتي الغد، فإنك إما لا تخرج أصلاً للتمرين أو تجبر نفسك بصعوبة على القيام بذلك. لكن هذه الرياضة لم تعد تشعرك بالأحاسيس الرائعة التي أحسستها يوم أمس، فأنت تشعر بأنك خالٍ من أي رغبة أو حافز. فما الذي حدث؟
إن شخصية الدافع تحفزنا باستمرار لأداء أكبر كمية من الأعمال حتى نستنزف قوتنا. وهذا يعني في الرياضة أنك أفرطت في التمرين فأرهقت نفسك، ويعني بمفهوم القوانين الكونية أنك أوصلت نفسك إلى النقطة الأعلى في منحدر القوة فلم يبق أمامك إلا الانحدار نحو النقطة الأدنى التي هي نقطة الضعف. هذا الضعف كان يهمس لك بأنه آن أوان التوقف، ولكن شخصية الدافع كانت مسيطرة تماماً على تفكيرك فلم تستطع سماع وفهم صوت ضعفك.
فإذا أردت أن تحافظ على قواك دوماً لتتابع ما بدأت، تعلّم كيف تتوقف في الوقت المناسب. مثلاً عندما يقول لك الدافع :” لم يبق إلا القليل فتشجع ونصل “، عليك التوقف فوراً. وسيكون سهلاً عليك تحقيق ذلك إذا اتبعت نمط تفكير جديد يقول :” في كل مرة أسمع هذه الكلمات في داخلي، سأوقف فوراً ما أقوم به “.
إذا تصرفت بهذه الطريقة، ستكون لديك القوة دوماً لتتابع ما بدأت به في أي وقت تعتبره مناسباً.