يجد الناس عبارة” لم أعد أحبك” عبارة عادية ويكثرون من قولها ظناً منهم أنهم بهذه الطريقة يجعلونه يطيعهم.
ولكن ما هي المخاطر النفسية التي يؤدي إليها تهديد الطفل “بالحب “؟ اقرؤوا معنا هذه المقالة لنتعرف أي عبارة قاتلة هذه العبارة “لم أعد أحبك”
«أنت ولد شرير (أو سيّئ)، لم أعد أحبّك!»
– «ماتيو، يا حبيبي، اهتم من فضلك بأخيك الصغير، سأذهب لإحضار الحاجيات التي بقيت في السيّارة!
– لا أرغب في ذلك! أريد أن ألعب بقطاري!
– خمس دقائق يا حبيبي، فقط لكي أُحضر الأكياس. بعد ذلك، أعدك بأن أدعك تلعب بقطارك.
ركع ماتيو أرضاً قرب أخيه الذي يبلغ سنة واحدة من العمر وبدأ بتركيب المكعّبات الملوّنة. انهمكت أمّه في ترتيب الحاجيات في المطبخ حتى علا صراخ حاد.
– ماذا يجري، يا ماتيو؟ أهكذا تنتبه لأخيك؟ هل أذيته؟
– كلاّ! لم أؤذه!
– لماذا ذراعاه حمراوان؟
– أوّلاً، إنه لا يعرف حتى كيف يركّب المكعّبات!
– لكنّ أخاك ما زال صغيراً، هذا طبيعي.
– لا يعرف شيئاً، لا أستطيع أن ألعب بأي شيء معه! أنا أكرهه!
– ماتيو! لا يمكنك أن تقول هذا! إنه أخوك الصغير، وأنت تحبّه. تعال واعتذر منه.
– كلا! أنا أكرهه! أكرهه! أكرهه!
– ماتيو، أنت ولد شرير، أنا لم أعد أحبّك!
حق الحياة والموت
«أنت ولد شرير، لم أعد أحبّك» هو إعلان رهيب. تتلاعب هذه الأم بعواطف ابنها لكي تضمن الغلبة. في هذه المواجهة، تختبئ الأم، التي عيل صبرها، وراء السلطة المطلقة التي تمتلكها: حق الحياة والموت على ولدها، وذلك بطريقة خرقاء خالية من أي حذق أو مهارة. وهذا الحق بالحياة والموت هو بالتحديد ما توحيه الأم لابنها بحرمانه، كلامياً، تحرمه من الحب من أجل أن تعاقبه. من دون هذه العاطفة، من دون حب الأم ، يُحكم على الطفل بالموت.
في مياتم بلدان أوروبا الشرقية، بعد الحرب حدثت حالات مرضية بين الأطفال الذين ادخلوا الى المياتم ، حيث ساءت حالة بعض الأطفال الصحية شيئاً فشيئاً مما أدّى بهم في النهاية إلى الموت، علماً أن هؤلاء الأطفال كانوا ينالون تغذية وافية ومناسبة لكنّهم حُرموا كليّاً من العاطفة والحنان. إن النبذ الكلّي للطفل يعبّر رمزياً عن هذا الحق بالحياة والموت. عندما تتهم الأم ابنها بالسوء تنسب إليه قيمة أخلاقية داخلية. فهي بذلك تحكم على شخصية الطفل ككل وترفضها. تجهل هذه الأم ما حصل وتلصق رقعة على جبهة ابنها: «انتبه، صبي شرس!» إنها تُضعف بذلك رابط الثقة الذي يجمعها بابنها وتخلق في ذهنه شعوراً بعدم الكفاءة العاطفية الاجتماعية. فيبني الولد عن نفسه صورة تتلخّص كما يلي: «لست جديراً بأن تحبّني أمّي لأنني ولد شرير!»
اختيار الكلمات
امتنعوا عن اللعب بعواطف أولادكم! عندما يلجأ الأهل إلى ابتزاز أولادهم عاطفياً من خلال تهديدهم بالحرمان من الحب فهذا يفسد الصلة التي تربطهم بأولادهم. على العكس تماماً، من المهم أن تقولوا لولدكم إنكم تحبّونه لكنّكم لا تستطيعون القبول بتصرّفاته لهذا السبب أو ذاك.
احرصوا على عدم نبذ ولدكم ولكن اجعلوه يشعر أنكم تفهمون تماماً ما يشعر به. دعوا ولدكم يعبّر بحريّة عن مشاعره، بما في ذلك السلبية منها، وحتى وإن كان ذلك لا يتماشى مع مبادئكم التربوية. لن يقلّل الطفل أبداً من احترام والد (أو والدة) أبدى تسامحاً وتفهّماً حياله. بل إن هذا الوالد يساعد ولده على التحكم بانفعالاته وإدارتها بالشكل المناسب. بالمقابل، فإن الأم المتمسّكة بسلطتها المطلقة والتي تنبذ طفلها كليّاً بجمل مثل «أنت ولد شرير وأنا لم أعد أحبّك»، هي أم قاتلة. قولوا لأنفسكم إنكم إذا كنتم تعتبرون ولدكم طفلاً شريراً أو سيّئاً، فأنتم لستم برّاء من هذه النزعة السيّئة التي تتهمونه بها.