عكس الحب ليس الكراهية… إنها اللامبالاة !
اللامبالاة تحدث في العلاقة الزوجية بطريقة تدريجية لكن قاسية. إنها الصمت المر الذي يستوطن فيه الشك والحنين إلى ما كان متوفراً يومياً وبشكل مشترك، ونحس بأنه ينقصنا اليوم.
عكس الحب ليس الكراهية، لكنه هذا الشعور القادر أن يحطمنا إلى ألف قطعة، إنه ما نسميه اللامبالاة.
تموت العلاقات لعدة أسباب، نحن نعرف هذا وليس لدينا شك بالمعاناة الكبيرة التي تنتج عنها والتي لا أحد مستعد لها.
مع هذا، يجب أن نقول إنه هذا الفراغ وهذا الموقف السلبي بالضبط من الشخص الآخر نحونا هو الذي يولد المزيد من خيبة الأمل والقلق.
الحب لديه ثلاثة أعداء : اللامبالاة التي تخنقنا شيئاً فشيئاً، التردد الذي يمنعنا من التقدم، وخيبة الأمل التي تدمر كل شيء في ثانيتين. كل منا يستطيع التعامل بشكل مختلف مع الرفض أو الخيانة. لكن… كيف نواجه الفراغ العاطفي الذي تفرضه اللامبالاة ؟
هذا ليس سهلاً ونحاول دائماً أن نجد سبباً ومبرراً لهذا التباعد العاطفي، حتى إذا لم يكن هناك دائماً أي سبب لانطفاء الحب.
أحياناً ينطفئ الحب بكل بساطة، يختنق كشمس الغروب التي لم يعد فيها أي شعاع…
اللامبالاة تسبب تأثيرات جانبية خطيرة
يجب تقوية صحة العلاقة الزوجية، مثل كل مخلوق حي يحتاج إلى أطعمة حية، تقوي بنيته.
هذا نحصل عليه بفضل عادات يومية، تتم صياغتها بشكل مشترك، تتضمن تصرفات بسيطة تجمع بيننا، كلمات تقوينا، مداعبات تجلب لنا السعادة ومساحات مشتركة مسكونة بالتقارب الجسدي والعاطفي الضروري.
أحياناً، بدون أن نعرف لماذا، نستخدم الصمت وليس الكلام، نترك للآخر مسؤولية الكلام، القول والتصرف.
نبدأ باعتبار المشاعر كشيء مكتسب وحتى الأجوبة على الأسئلة التي لا نعود نطرحها.
شيئاً فشيئاً نعطي أولوية للأشياء الصغيرة ونهمل الأمور الكبيرة في العلاقة.
لن تتفاجأوا إذا عرفتم أن الأسباب الأربع التي تجعل العلاقة بين الزوجين تسقط في هاوية التجاهل والتباعد، هي الانتقاد، الازدراء والموقف الدفاعي، وأيضاً اللامبالاة. هذا التصرف العدواني الذي يبعدنا ويخلق ظلمات كبيرة من الشكوك.
كل هذا الفراغ العاطفي وهذه البرودة تولّد مشاكل جدية تؤثر على الشخص اللامبالي وعلى من يتلقى هذه اللامبالاة، مشاكل يجب أن نتعرف عليها.
العواقب النفسية للامبالاة
لكن ما هي انعكاسات اللامبالاة على المستوى النفسي ؟
الموقف اللامبالي من شريكنا يولد، بالإضافة إلى كل شيء، القلق والخوف. يحتاج الحب بين شخصين إلى الأمان وإلى عادات تسمح بترسيخ الروابط.
عندما لا تلبى توقعاتنا بخصوص هذا الرابط، يظهر عندها الشك والاضطراب. ويتفاعل دماغنا تجاه هذا بتوتر وقلق عاطفي.
هذا الموقف الانفعالي يضعنا في حالة شلل كامل. نبقى في حالة توقع، في حالة خوف من أن يحدث شيء يغير الموقف، شيء ينهكنا ويدمرنا.
إذا وقعنا في خطأ افتراض أن اللامبالاة هي شيء نحن كنا السبب فيه، نفقد القدرة على التحكم بالموقف أكثر. ينهار تقديرنا لنفسنا وندخل في حالة من الحساسية والقابلية للانجراح خطرة جداً.
لا نعود نشعر بالألم ويصبح قلبنا أكثر وحشة وفراغاً لأنه تخلى عن المقاومة. لا نعود نشعر إلا باللامبالاة التي هي النقص المطلق للمشاعر الأكثر تدميراً.
ماذا نفعل تجاه الفراغ العاطفي ؟
كما نقول غالباً، اللامبالاة تقتل، وحتى إذا كان الكثيرين يقومون بتعريفها على أنها موقف سلبي يطغى شيئاً فشيئاً على العلاقة بين الزوجين، فهذا ليس صحيحاً.
الفراغ العاطفي عدو نشيط جداً يجب أن نقوم بتشخيصه مبكراً لكي نتفادى تصدع هذه العلاقة، هذا الاتحاد مع الشخص الذي نحبه، أو مع ذاتنا، لتجنب القضاء على تقديرنا لنفسنا.
نصون العلاقة الزوجية ونحميها ابتداءً من اللحظة التي نشعر فيها بالرضى الشخصي والتبادل في العلاقة. إذا كان شعورنا عن نفسنا جيداً، سنكون قادرين عندها على “الاستثمار” في الآخر لأننا نعطي عندها بقدر ما نأخذ.
في اللحظة التي تتحطم فيها هذه الحلقة من التبادل المنسجم، يؤثر هذا فوراً على نوعية الالتزام، على شغفنا وحميميتنا. في العلاقة الزوجية، يكفي أن يكون أحد الطرفين لامبالياً. يمكن الشعور باللامبالاة، لمسها والمعاناة منها. لا تنتظروا حتى تتحسن الأمور، يجب أن لا تغذوا آمالاً مزيفة. يجب أن تتحركوا.
أحياناً، يجب أن نقوم بتغييرات صغيرة، ونتوصل إلى اتفاقات صغيرة لنكسر الروتين الذي تقع فيه العلاقات. أي جهد يمكن أن ينفع في إنقاذ العلاقة الموجودة.
لكن إذا كنا واعين بشكل كامل أن ليس هناك حب أو كان الوضع يجلب معاناة أكثر مما يجلب الفرح، من الضروري أن نضع مسافة.
يجب أن لا نبقى سجناء لحب، لأحلام مسروقة من غريبين أعطيا كل شيء ولم يبق هناك شيء.
اللامبالاة تجلب السقم والإحباط لكن يمكن الشفاء منها مع الوقت ابتداءً من اللحظة التي نمتلك فيها الشجاعة الكافية للابتعاد عنها.