«أتعرف ؟ لقد قرر والدي، إذا أحرزت علامات عالية في المدرسة، أن يشتري لي تلك الساعة الغالية الثمن التي رأيناها في المول البارحة. لذا لن أستطيع الذهاب معكم يا شباب إلى المنتزه. عليّ أن أدرس» هذا ما قاله ارنست إلى صديقه على الهاتف.
عندما نقدم للولد مكافأة، يتركّز عندها انتباهه على المكافأة لا على عملية التعلم. نعطيه الانطباع بأنه يقدم لنا معروفاً إذا درس ونجعله يعتقد أن الدراسة شر لا بد منه.
سألني في أحد المرات ابني الذي كان في الصفوف الثانوية: «لماذا لا تكافئينني على ما أحرزه من نتائج مدرسية كما يفعل أهالي رفاقي مع أبنائهم؟»، فأجبته: «إذا قدمت لك سيارة رياضية غالية وسألتك كم عليّ أن أدفع لك لتأخذها. ماذا ستقول؟» «سأقول إنك جننت. لماذا تدفعين لي حتى آخذ شيئاً جلبته لي؟»
«إذن لماذا أعطيك جائزة على التعلم الذي هو أغلى من أي سيارة في السوق؟ السيارة شيء مادي يأتي ويذهب أما تعليمك فسيفيدك حتى آخر عمرك. التعليم هو أهم شيء قد أقدمه لك كأهل. هل عليّ أن أعطيك شيئاً وأدفع لك حتى تأخذه؟».
الحصول على التعليم امتياز. إن عدداً كبيراً من الناس حول العالم ممن يتوقون إلى التعلم لا يحصلون على العلم. يبدو أن من السخافة أن نرجو أولئك الذين يتعلمون أن يستغلوه. حينما نكافئ الولد، نوحي له أن الدراسة شر لا بدّ منه علينا تحمله. والواقع أن نقل هذه الفكرة مضيعة للوقت فالهام بالنسبة للأهل هو الحصول على علامة جيدة. ولكن ينتهي بنا الأمر، في موقف كهذا، أن نوصل له ما يلي:
«يا بني بما أن الدراسة بحد ذاتها شيء لا جدوى منه، سأقدم لك مكافآة على قيامك بجهد للاستفادة من فرصة التعلم».
ما ينبغي أن يكون فخراً في عصر التساهل هذا، أصبح مهمّة مضجرة. فالولد يتعلم أن يحتقر ما هو نفيس ثمين، وهو يصبح مادياً أكثر فأكثر. ولكن اللجوء إلى مكافأة الأولاد يدلّ على أننا لا نعاملهم كبشر جليلي القدر بل نعاملهم معاملة من ندربه على إطاعتنا. الأمر أشبه بتدريب الكلب الذي كلما قام بحيلة ما كافأناه بشيء من الطعام، أو أشبه بالحصان الذي نقدم له قطع السكر عندما يفوز بالسباق. فالولد نقدم له لعبة عندما ينال أعلى درجة في الصف. حينما نقوم بهذا، نحوّل تركيزه عن التفكير في ما هو هام فعلاً. لم يعد اليوم بذل الجهد والشعور بالرضا عن الأشياء الصعبة التي ينجزها تجربة مهمة يتعلم تقدير قيمتها. اليوم لم يعد هناك معنى ومغزى من تحديد الأهداف وتحقيقها والشعور بالفخر لأنه تغلب على ضعفه.
نحن بمعنى آخر نستخف بأولادنا ونقلل من قيمتهم عندما نقدم لهم الجوائز وكأنهم حيوانات ندربها بهدف إمتاعنا. يبذل الولد الجهد إنما للأسف من أجل حافز غير صحي.