الكثير من الناس الذين جربوا التأمل عدة مرات يأتون إليّ ويقولون إنهم لم ينجحوا في ذلك. إذا أمعنّا النظر في تصريحهم هذا، يصبح بمقدورنا أن نفهم كل ما يتعلق بجوهر الإنسان وبكيفية عمل عقله.
من أين لك أن تعرف الأمر الذي يجب أن ينجح ؟ لماذا تريد أن ينجح كل شيء فوراً وبأسرع ما يمكن ؟ إلى أين تسعى للوصول سريعاً ؟
أنت تسعى دائماً للوصول إلى شيء ما، في حين أن الشيء الذي تحتاجه موجود إلى جانبك. فكل شيء يتواجد دوماً إلى جانبك، لأن هذا الكون مبني على هذا الشكل، وهذا هو أحد قوانين هذا الكون. ولذلك ستطوف بلداناً بعيدة ساعياً وراء شيء ما وظاناً أنك ستجد ضالتك في تلك البلدان، لكنك في النهاية ستعود إلى نفسك. وإذا أدركت هذا الأمر الآن، فإنك ستوفر على نفسك سنوات من البحث الفارغ والهدر العبثي للطاقة والوقت.
إن الإرادة والسعي للذهاب إلى مكان ما أو مغادرة مكان ما، هي طبيعة موجودة داخل كل إنسان، أن يطوف دوماً. لكن كل شيء موجود إلى جانبك، ومع أنك تأكدت مئات المرات من هذا، فما زلت لا تطيق صبراً لتركض إلى مكان ما، والذي يركض هو عقلك وأنت تركض خلفه.
إن التأمل موجه تحديداً نحو ردع العقل وتهدئته، فأنت مضطر للجلوس جلسة صحيحة والاسترخاء تلبية لرغبتك ومراقبتك لتنفسك ورؤيتك وسمعك وشعورك بكل ما يحدث حولك وما يحدث في عقلك في نفس الوقت. لكن ذلك لن يكون هدراً فارغاً للوقت والجهد، فكل ذلك سيصبح كنزاً في رصيدك. المهم هو أن تجلس فقط، وهذا يبدو بالنسبة لعقلك سخافة بحتة. إن العقل معتاد دوماً على البحث وتحقيق الهدف، بينما أنت هنا لا تعرض عليه أي شيء، وهذا يثير استياءه ويدفعه لزرع الشك فيك وليهمس لك بأنك لست على حق بقيامك بالتأمل.
أنا أيضاً لا أعلم إن كنت أنجح في التأمل، كما أنني لا أعرف حتى ماذا يعني النجاح التام. إنني أعرف فقط أنني عندما أقضي وقتاً كافياً في التأمل والبحث عن جواب لسؤالي، فإنني أجد الجواب وهو يأتي إليّ. ولا أعلم إن كان بمقدوري أن أقول إن هذه الحالة ناجحة، لأنك إذا قلت لنفسك : ” نعم بدأ هذا ينجح ” فإنك ستتوتر مباشرة ويبدأ عقلك بموافقتك على رأيك وتشجيعك فيقول لك : ” والآن إذا مارست التأمل وإذا كرست لذلك وقتاً أطول، فإنك ستكتسب القوة وستصبح شخصاً قديراً ومشهوراً”. يا صديقي، إن هذا التفكير لن يوصلك إلا إلى مستشفى الأمراض النفسية، ولن تحقق أي انسجام أو سعادة.