الصديق الشرس !
يقول أندرو فولر مؤلف كتاب ” ولدي صعب ماذا أفعل:””إن أحد أفضل التعريفات التي عثرت عليها بالصدفة عن تربية الأولاد هو ذاك الذي يتحدر من الثقافة الصينية، ويسمى «الصداقة الشرسة».
الصديق الشرس هو الشخص الذي:
• يعتبر علاقته بابنه أمراً لا يمكن التنصُّل منه؛
• يتصرف وكأنه دائماً إلى جانب ابنه؛
• ولكنه يوضح له بأنه لن يتقبّل القرف الذي قد يرميه.
نرجو أن يكون لك أنت صديقك الشرس. نعم، أبناؤك ليسوا دائماً أشخاصاً مريحين تودّ أن يبقوا قربك،
إذ سيخبرونك أشياء عن نفسك قد لا ترغب أحياناً في سماعها.
ولكنهم أشخاص يمكنك الاعتماد عليهم، ففي الأوقات الصعبة يمكنك أن تلجأ إليهم طالباً منهم المساعدة.
حتى تكون صديقاً شرساً، يتطلب الأمر منك الكثير من العزم والتصميم،
فأول شيء عليك القيام به بإصرار وعزم هو فرض نفسك محوراً أساسياً في حياة ابنك أو ابنتك.
الأولاد المراس في دفع الأهل إلى هامش حياتهم عندما يناسبهم الأمر.
لذا عليك أن تساعدهم على أن يعرفوا أن عليهم في الحياة أن يتفاوضوا معك إذا أرادوا أن تتحقق بعض الأشياء.
وكأنك بذلك تقول له: «عليك أن تتحملني بأي طريقة من الطرق ورغم كل الصعوبات».
مع أن هذه الدرجة من الحزم قد تبدو قاسية إلا أنها فعلياً تعيد الاطمئنان إلى ابنك وتساعده على إرساء دعائم صلبة لعلاقته بك.
وما تقوله هنا لابنك فعلياً هو أنك لن تتخلى عنه مهما حدث. والواقع أن هذا هام بالتأكيد للمراهقين بمقدار أهميته للصغار.
خاصية أو ميزة الصديق الشرس الثانية هي أنه إلى جانبك دائماً وأبداً، فهو سندك الأكبر والأمتن.
الحقيقة أن الأولاد موهوبون في استخراج أسوأ ما في الراشدين، لا سيما منهم الراشدين الذين يريدون إقناعهم أو السيطرة عليهم أو لَيّ ذراعهم لإخضاعهم.
للأسف أن هؤلاء الأولاد سيجدون ظروفاً مؤاتية كثيرة ليروا العالم مكاناً عدائياً يقسو عليهم ويعاقبهم.
لهذا هم بحاجة إلى ترياق مضاد لهذه الفكرة السامّة. وهذا الترياق في الواقع هو أنت، وأنت فقط.
أن تكون السند الأكبر والأمتن لابنك أو ابنتك، يعني أن تركز على مواطن القوة لديه أو لديها، وعلى الإيجابيات التي يتحلى بها أكثر من تركيزك على تصرفاته المزعجة.
هذا يعني أن عليك عندما يفقد أعصابه أن تقول له: «لا تقلق، أعرف أنك ستتجاوز هذا» فالأولاد بحاجة إلى حبك أكثر في الأوقات التي يستحقونه فيها أقل.
في جلسات الاستشارات النفسية، غالباً ما يعلّق الأولاد على قوة تأثير إيمان أهلهم بهم.
في إحدى المرّات اعترف لي شاب يافع قائلاً: «أردت فعلياً الانخراط في حياة الإجرام والمخدرات، ولكن أمي ما انفكت تخبرني بأنها تؤمن بي وتحبني، فلم أستطع خذلانها وتخييب ظنها بي».
أن تكون صديقاً شرساً يعني أن تساعد ابنك على تجنُّب بعض النتائج السلبية، فمحاولة تجنيبه الأذى استراتيجية هامة.
هناك مدرسة في التربية تقول إن على الأهل ترك العواقب الطبيعية تحدث. مثلاً عندما لا يضع الولد ثيابه في سلة الغسيل،
فعلى الأهل عدم غسل هذه الثياب، وعندئذ يتعلّم الولد وضع ثيابه الوسخة في السلة.
الحقيقة أن هذا الرأي منطقي، وهو يساعد بعض العائلات.
ولكن عندما يكون لديك ولد صعب المراس، فلن ينجح هذا النوع من وسائل التربية.
فطبيعة تصرفاته المتطرفة تشير إلى أننا بحاجة إلى طرق أسرع للتدخل.
أما ترك النتائج الطبيعية تحدث فقد تجعل الولد يستنتج أنه إذا فقد أعصابه في المجتمع فإن الناس لن يرغبوا في التواجد معه.
إن جلست مكتوف الأيدي وسمحت لهذا النوع من الدروس بالتأثير فيه، فالذي يحدث أنه،
حتى يتعلم الدرس، يكون قد خسر كل أصدقائه. الحقيقة أن ترك النتائج الطبيعية تضغط عليه أشبه بالسماح للولد باللعب في منتصف الطريق ليتعلم أن الشاحنات قد تدوسه.
المصدر:كتاب ولدي صعب: ماذا أفعل للكاتب أندرو فولر- دار الفراشة