البكاء الصباحي في بداية السنة ، أمام المدرسة وفي الصف، أمر شائع جداً في صفوف الروضة. وأحياناً قد يدوم شهرين أو ثلاثة…
وهذا صعب جداً على الأهل! وبعد أن يعتاد الولد على فكرة الفراق، تتجدد المشكلة بعد كل عطلة مدرسية يقضيها في المنزل،
حتى لو لم تكونوا معه أثناء النهار. فها هي المدرسة تبدأ من جديد!كيف تحلون مشكلة هذا البكاء الصباحي وكيف تتجنبونه أيضاً
وقت للتأقلم
إن التكيّف في المدرسة يختلف عن التكيّف في الحضانة أو مع المربية. فالطفل لا يعود مدللاً في المدرسة كما كان مع مربيته أو في دار الحضانة.
فهو الآن في صف يتواجد فيه 28 أو 29 تلميذاً.
وحتى الأولاد الذين اختبروا الحياة مع مجموعة كبيرة في الحضانة، سوف يجدون فرقاً شاسعاً.
ففي البداية يكون نمط ونظام صفّ الروضة صعباً بالنسبة لهم.
أما الفراق بحد ذاته فهو مؤلم بعض الشيء على الأهل كما للأولاد. ألا تشعرون أنتم أيضاً بالحزن عند الافتراق عنه؟
غير أن الأطفال يلتقطون الرسائل غير الكلامية، كلغة الجسد مثلاً والإشارات الصغيرة التي تدلّ على أنكم قلقون ومنزعجون.
هؤلاء الخبراء يتحسسون أي نغمة قلقة في صوتكم، ويشعرون بالحزن الذي يسكنكم. لا داعي لأن تشعروا بالذنب،
لكن اعلموا أنه إذا شعر بحزنكم فسوف يحزن هو أيضاً!
قبل الفراق
بهدف التخفيف من وطأة هذه اللحظات الصباحية الصعبة، لا تترددوا بالكلام عن اليوم الذي ينتظره، ، والتحدث عن مراحل يومه المختلفة،
وتحديد الشخص الذي سيأتي لاصطحابه بعد المدرسة، والزاد اللذيذ الذي أعددتموه ووضعتموه في حقيبته…
هذه الطقوس التي ترددونها على مسامعه وأنتم متّجهون إلى المدرسة ضرورية جداً لتهدئته.
شجّعوه على أن يأخذ معه إلى المدرسة، إضافة إلى لعبته المفضلة ولهّايته، كتاباً يحبه أو فيلماً يشاهده مع رفاقه…
يمكنه أن يعطي هذه الأشياء للمعلمة وهي تتصرّف بها. فذلك يشجعه ويحفزه على الذهاب إلى المدرسة!
أثناء الفراق
من الأفضل ألا تتأخروا بالانصراف (خاصة إذا كان المشهد نفسه يتكرر كل يوم).
أما بقاؤكم معه والتأكيد على أن ذلك لن يدوم إلا لحظات قليلة فيزيد من إحساسه بالكدر والقلق.
أما أنتم فلن يفيدكم الربع الساعة الممدّد بل يجعلكم تشعرون بالذنب أكثر فأكثر! الطفل يعرف ذلك جيداً ويستغله.
أصرّوا على أن يقول لكم إلى اللقاء بنفسه. فحين تشجعونه على اتخاذ القرار بنفسه تمنحونه حقّ التحكم بالموقف.
هذا منطقي، فإذا قال الأهل عبارة إلى اللقاء (وكرَّروها مرات عديدة)، فهذا سيزيد من شعوره بالضغط ويجعله يلعب دور «الضحية».
مهما تعقدت الأمور، فدموع ملاككم الصغير ستجف بعد رحيلكم بنصف دقيقة، وأنتم تعلمون ذلك جيداً!
(بعيداً عن لحظات الفراق)
قولوا له إنكم أنتم أيضاً تجدون صعوبة في الافتراق عنه (إذا كان هذا شعوركم الفعلي):
«هذا طبيعي. فقد أمضينا السهرة أو عطلة نهاية الأسبوع أو عطلة الصيف، وعلينا الآن أن نفترق يوماً كاملاً.
من الطبيعي أن تشعر بالحزن. الفراق صعب دائماً. الوداع هو ربما أصعب ما في الحياة!»
اشرحوا له أنكم لستم منفصلين إلا بالجسد: «أنا معك دائماً بأفكاري. أعرف كل تفاصيل نهارك. أعرف متى تذهب إلى قاعة
الطعام لتأكل. ومتى تعود إلى الصف لتنام قليلاً. وأعرف أيضاً متى تخرج للفسحة. غالباً ما أفكر بك وأقول في نفسي إنك سعيد
في صفّك مع معلمتك اللطيفة. وأشعر بالسعادة لأجلك».
اشرحوا له فائدة الفراق: «كل ما ستخبرني به من قصص الليلة، سيكون بمثابة هدية، ومفاجأة رائعة جداً».
كتاب مئة قصة وقصة لحل مشاكل الأولاد- صوفي كاركان- دار الفراشة