القلق والعلاقات
بعض الأشخاص الحسّاسين هم أشخاص قلقون. ولا نعني هنا الأشخاص القلقين العاديين ولكن القلقين بمرتبة الشرف. يقلقون عندما يستيقظون في الصباح بشأن ما سوف يحمله النهار. يقلقون بشأن شكلهم، يقلقون حول ما إذا قاموا بالشيء الصحيح، ويقلقون حيال ما قد يحدث في المستقبل. يقلقون على عائلتهم؛ يقلقون على أصدقائهم. يقلقون على من يحبّون. يقلقون لأنهم يحبّون. يعتبر البعض القلق جزءًا من الحب والاهتمام. قد لا يدركون أن قلقهم يمكن أن يؤثّر سلبًا على حسّهم بالإنتماء وعلى متانة علاقاتهم.
القلق يستنزف السعادة
تدخل عليك ابنتك لتقول لك أنه تم قبولها في الجامعة التي كانت تحلم بها. لكنّك كنت تأملين سرًّأ ألاّ تنجح في دخول تلك الجامعة لأنها بعيدة جدًّا. تعضّين شفتك وتقولين بصوت تأملينه مفعمًا بالحماسة، “هذا رائع. تهانيّ الحارة.” ولكن سرعان ما يظهر العبوس على وجهك وتقولين أشياء مثل “إذا ذهبت الى هناك لن تتمكّني من المجيء كثيرًا الى البيت، أليس كذلك؟”
أنت طبعًا لا تقصدين تثبيط حماستها. تريدين فقط التأكّد من أنها تفكّر في في كافة المشاكل التي تنتج عن العيش بعيدًا جدًّا عن المنزل. والحق يقال (هيا، اعترفي بذلك) أنك تفكّرين في المشاكل التي تتوقّعين حدوثها والتي تزعجك أنت، لا ابنتك. وقد تجيبك، “ماما، ألا يمكنك أن تكوني سعيدة من أجلي؟ هذه المرّة فقط؟”
ان التفكير في إيجابيات وسلبيات وضع معيّن طريقة مفيدة لتقييم الخيارات المتوفّرة لك. على أن الإيجابيات والسلبيات تقدَّم عادة بشكل منطقي في حين أن القلق يكون عادة مفعمًا بالانفعال، عادة بالحزن والحصر.
يعبّر القلق عن قلّة ثقة
قد لا تقومين بذلك عن عمد، لكنّ القلق على الآخرين يعبّر عن قلّة ثقة بهم. إذا كانوا غير متأكّدين من قرارهم أو وضعهم، يؤدّي تعبيرك عن شعورك بالقلق الى زيادة استيائهم وانزعاجهم. ويمكن لذلك أن يزيد التوتّر الذين يشعرون به. وإذا كانوا متأكّدين من قرارهم أو وضعهم، سيعتبرون أن تعبيرك عن قلقك اشارة الى أنك لا تؤمنين بقدراتهم. ان أيًّا من النتيجتين مفيد وقد تجدين أنهم سيتحدّثون معك أقل فأقل في المسائل الأهم بالنسبة اليهم.
قد يكون القلق طريقة لتجنّب السعادة
يخاف احيانًا الأشخاص القلقون من السعادة. يعاني معظمهم الى حد بعيد من قلقهم وعندما يدعون أنفسهم يشعرون بالسعادة، يؤلمهم فقدان هذا الشعور أكثر من عدم الشعور به على الإطلاق. فعندما يحدث شيء يبدو أنه يأتيهم بالسعادة، قد يبحثون تلقائيًا عن طرق يكون بها الحدث تجربة غير ممتعة. ويفعلون ذلك أحيانًا بالآخرين، وقد لا يدركون حتّى ما يفعلون.
ان معظم أحداث الحياة مزيج من الانفعالات المرغوبة وغير المرغوبة. يكون التخرّج من المدرسة مثلاً حدثًا سعيدًا ولكن مشوبًا بالحزن حيال الانفصال عن الأصدقاء. من السهل عامة أن نجد سببًا للتشكيك بالسعادة. فربح اليانصيب يمكن أن يولّد خوفًا من حدوث مشاكل ضريبية أو خلافات مع الأقارب. ويمكن أن يولّد الزواج مخاوف من فقدان الاستقلال.
ان النظرة الواقعية للأمور تأخذ بعين الاعتبار إيجابيات وتحدّيات الأحداث والقرارات، إلاّ أن عدم فتح مجال للاحتفال وعدم الاستمتاع بالإيجابيات يحدّ من سعادتكم بشكل عام. ان الاجتماع مع أشخاص آخرين للاحتفال بالأحداث السعيدة يشكّل جزءًا من الاحساس بالانتماء ويزيد متانة العلاقات.
يؤثّر القلق في الطريقة التي يعاملك بها الآخرون
عندما تعبّرين عن قلقك حيال قرارات الآخرين، قد يراك هؤلاء كشخص لا يستطيع التعامل مع تحدّيات الحياة. وقد تكون اللازمة التي يردّدها أصدقاؤك وأفراد أسرتك “لا تخبروها، ستقلق كثيرًأ”. وقد لا يعيرون اهتمامًا لما تقولينه لأنهم يعتبرون أنك تقلقين حيال أي شيء وكل شيء. وعندما لا يصغي اليك الآخرون، قد تشعرين بأنهم يهملونك، ما يضعف علاقتك بهم.
قد تشعرين بالارتباك حيال الطريقة التي يستجيب بها الآخرون لقلقك عليهم. أنت تهتمّين جدًأ لأمرهم ولما يحدث لهم ولا يبدو أنهم يفهمون ذلك. إذا لاحظت أن شعورك بالقلق يبعد الناس عنك، فقد تحتاجين الى تجربة بعض الطرق لتخفيف قلقك