في هذا المقال، سأتحدث عن الصفات التي عليك أن تبحث عنها في الزوج أو الزوجة عندما تقرر أن تواعد إحداهن أو ترتبط بإحداهن. وكتلميح صغير أقول إنه البحث عن أشخاص يحسنون التحكّم بعيوبهم الشخصية وإدارة تجاربهم الماضية.
زخرت علاقاتي الأولى الهامة بالكثير من التلاعب بالعواطف وبسيناريو الضحية/المنقذ. شكّلت هذه العلاقات تجارب علمتني الكثير لكنها سببت لي في الوقت عينه الكثير من الألم الذي قُدّر لي أن أتعلّم منه.
استمر الأمر حتى استطعت أن أجد نفسي مرتبطاً بعلاقات مع نساء لا يعانين من مشاكل عاطفية، نساء قادرات على التحكّم بأيّ خلل في حياتهن فتعلّمت عندئذ ما عليّ أن أبحث عنه عند مواعدة أيّ امرأة.
واكتشفت حينذاك أنّ ثمة صفة واحدة لا بد من أن تتحلى بها المرأة التي تواعدها، صفة لا يمكن أن أرضى مجدداً بأيّ حلول وسط أو تسويات بشأنها. لا يرضى الرجال عادة بالتنازل عن بعض الصفات السطحية: المظهر، الذكاء، الثقافة، الخ… هذه الصفات هامة لكن إن كانثمة صفة علّمتني التجارب ألا أتنازل عنها، فهي:
قدرة المرأة على رؤية عيوبها أو الخلل لديها وتحمّل مسؤوليتها.
مما لا شك فيه أننا لا نستطيع تجنّب المشاكل نهائياً. فكل علاقة ستشهد خلافات وكل شخص سيصطدم في وقت من الأوقات بما يحمله معه من ماضيه على الصعيد العاطفي. وما يحدد كم ستطول العلاقة وكيف ستجري الأمور فيها هو استعداد الطرفين وقدرتهما على تحديد العقبات في داخل كل منهما والتواصل بشأنها بشكل صريح.
فكّر في مصلحة /زوجتك/ /حبيبتك واسأل نفسك “إذا انتقدتها بشكل صادق وبناء وقلت لها كيف أعتقد أنها ستكون أفضل، فكيف سيكون ردّ فعلها؟” هل ستغضب غضباً شديداً؟ هل ستتصرف بشكل مأساوي؟ هل ستلومك وتنتقدك بدورها؟ هل ستتهمك بأنك لا تحبها؟ هل ستثور وتغضب وتجعلك تركض خلفها؟
أم هل ستقدّر نظرتك حتى لو شعرت بشيء من الألم أو الانزعاج، حتى لو شعرت ببعض الانفعال في بادئ الأمر، هل ستفكّر في كلامك وتبدي استعداداً لمناقشة المسألة؟ من دون لوم أو خجل. من دون التسبب بمشهد درامي. من دون أن تحاول إثارة غيرتك أو غضبك.
لا؟
إذن، إنها غير مناسبة للمواعدة.
إنما! إليك سؤال بمليون دولار. فكّر في مصلحة هذه الصديقة/الزوجة/الصديقة السابقة/الحبيبة نفسها وتخيّل الآن أنها تنتقدك نقداً بناءً وأشارت إلى ما تعتقد أنها عيوبك الكبرى ونقاط الخلل فيك. كيف سيكون ردّ فعلك؟ هل ستصرف النظر عن الأمر؟ هل ستلومها أو تشتمها؟ هل ستحاول أن تناقشها بالمنطق لتبرر صفاتك؟ هل ستشعر بالغضب أو بعدم الأمان؟
من المرجّح أن تفعل هذا. ومن الممكن أن تفعل هذا هي أيضاً. فمعظم الناس يفعلون. ولهذا السبب ينتهي بهم الأمر بمواعدة بعضهم البعض.
أن تتحاور مع شخص ما بشكل منفتح وحميم وأن تتمكنا من التحدّث بصراحة عن عيوب بعضكما البعض من دون اللجوء إلى اللوم أو الشعور بالخزي هو على الأرجح أصعب ما يمكن القيام به في أيّ علاقة. قلة هم من يستطيعون ذلك. وحتى اليوم، عندما أجالس صديقتي أو والدي أو أحد أصدقائي المقرّبين ويجري بيننا مثل هذا الحوار، أشعر بضيق في صدري وبتلبّك في معدتي فيما يتصبب العرق مني.
هذا ليس بالأمر السار لكنه ضروري ولا غنى عنه لعلاقة صحيّة طويلة الأمد. ولعل الطريقة الوحيدة لتجد هذا في المرأة هي أن تقاربها بصدق واستقامة وأن تعبّر عن مشاعرك ورغباتك الجنسية من دون لوم أو خجل وألا تنجرّ إلى العادات السيئة كافتعال الألاعيب أو افتعال المشاهد الدرامية.
إن كبت مشاعرك أو الإفراط في التعبير عنها سيجذب شخصاً يكبت مشاعره أيضاً أو يفرط في التعبير عنها. أما التعبير عن مشاعرك بشكل صحيّ وسليم فسيجذب شخصاً يعبّر أيضاً عن مشاعره بشكل صحيّ وسليم.
قد يخطر لك أن لا وجود لامرأة كهذه وأنّ هذا النوع من النساء قد انقرض. لكنك ستُفاجأ. فاستقامتك العاطفية ستختار بشكل طبيعي وتلقائي الاستقامة العاطفية لدى النساء اللواتي تقابلهن وتواعدهن. وعندما تصحح نفسك، ستصبح النساء اللواتي تقابلهن وتواعدهن أكثر فاعلية، كما لو أنّ الأمر حصل بفضل عصا سحرية. عندئذ، سيختفي هوس المواعدة والقلق منها لتصبح المسألة بسيطة وواضحة. وتتوقف العملية عن كونها عملية طويلة وتحليلية لتصبح عملية قصيرة وسارة ومرضية. الطريقة التي تميل بها رأسها عندما تبتسم والطريقة التي تلتمع بها عيناك أكثر عندما تتحدّث إليها.
ستختفي كل أسباب القلق. وبغض النظر عما يمكن أن يحصل، وسواء بقيتما معاً لدقيقة أو لشهر أو مدى الحياة، كل ما يبقى هو الرضا وتقبّل بعضكما البعض.