فالمراهقون يملكون نزعة نحو التفرد أو اكتساب الاستقلالية عبر تمييز أنفسهم عنّا نحن الأهل الذين نحبهم.
ولهذا السبب نراهم أحياناً يتخذون مواقف نعلم أنهم لا يمكن أن يؤمنوا بها فعلاً. (باستثناء أنهم يؤمنون فعلاً بحقهم في إظهار استيائهم، عاطفياً على الأقل)
ما إن نفهم أنّ المراهقين يميلون بقوة إلى اتخاذ مواقف تبدو غير عقلانية، حتى يمكننا أن نعتمد استراتيجيات للتأثير في أبنائنا المراهقين من دون أن نعرّض حاجتهم للتميّز والتفرّد للخطر.
يستند كلامي إلى حوار أجريته مع Ron Dahl بشأن تربية المراهقين، والأعمال التي التي كتبها Dahl.
سألت Dahl عما يفعله عندما يريد أن يدفع أولاده نحو التغيير. ما كان جوابه؟ يستخدم تقنيات من طريقة تُسمى “المقابلة التحفيزية” (motivational interviewing). وقد أثبتت هذه الطريقة فاعليتها في تحفيز المراهقين على تغيير سلوكهم في ميادين صعبة كإدمان المخدرات والكحول، واضطرابات الأكل والسلوك الجنسي الخطر. نصح Dahl الأهل بتعلّم كيفية استخدام هذه الطريقة في الميادين العملية واليومية بحيث نعرف ما علينا أن نفعله إذا ما احتجنا لهذه الطريقة في حل مشاكل أكبر.
إليكم خمس تقنيات من تقنيات المقابلة التحفيزية تقلل من مقاومة الأولاد لتأثيرنا:
1- عبروا عن التعاطف. يميل الأولاد والمراهقون إلى الاستماع إلينا أكثر إذا ما شعروا أننا نفهمهم.
قاوموا الرغبة في إسداء النصائح أو في التلويح بإصبعكم، وهما أمران يدفعان الولد إلى اتخاذ موقف دفاعي وإلى مقاومة أفكارنا العظيمة.
بدلاً من ذلك، اعكسوا للمراهق موقفه من الأمور.
2 – اطرحوا أسئلة غير محددة لتفهموا موقفهم. نريد أن نشجّع المراهق على أن يشاركنا ما يضمره.
ولنفعل هذا، يمكننا أن نطرح أسئلتنا بطريقة لا تعكس أيّ حكم مسبق، بطريقة تشجّع المراهق على أن يعبّر عن أفكاره ومشاعره بشكل مفصّل وواضح.
وحتى لو أعطينا الولد الخيار بشأن ما يريد أن يتحدث عنه (هل تريد أن تتحدّث عما يجري عندما تفقد أعصابك في المدرسة أم تريد أن تتحدّث عما يمنعك من تناول غداء صحي؟) ينصح Dahl أن نطرح هنا أيضاً أسئلة غير محددة…”أو ربما هناك شيء آخر تفضّل أن نناقشه؟ ما رأيك؟”
3- اعكسوا ما يقولونه وليس ما نود أن يقولوه. يمكن لهذا أن يكون مجرد تعديل بسيط في الكلام:
المراهق: تقول إنّ عليّ أن أفعل كل هذه الأمور لأكوّن الفريق، لكني أعتقد أني أستطيع تشكيله دون أن أتكبد كل هذه المشقات.
الأب: أنت لست واثقاً من أنّ هذا العمل كله ضروري.
أو يمكنكم أن تعكسوا ما يقصدونه مع استخدام كلمات مختلفة:
المراهق: أنا لست مدمناً على الكحول!
الأب: هذه الصفة لا تنطبق عليك فعلاً.
أو حاولوا أن تعكسوا ما يشعرون به:
المراهق: أنا لست مدمناً على الكحول!
الأب: أنت تشعر بالغضب عندما ينعتونك بهذه الصفة .
أخيراً، حاولوا أن تضخّموا من دون سخرية وتهكّم ما يقوله المراهق إذا ما أبدى تناقضاً واضحاً حيال مقاومته لتأثيركم:
المراهق: لست واثقاً من أني أحتاج إلى مساعدة أو علاج لمواجهة هذه المسألة.
الأب: حياتك ممتازة بالشكل الذي هي عليه
4- أظهروا لهم تناقضهم… بلطف. ما يمكننا أن نعكسه لمراهقينا، عبر استخدام الاستراتيجيات الواردة أعلاه، هو تناقض دوافعهم أيّ التناقض بين ما يقولون إنها أهدافهم أو قناعاتهم وبين سلوكهم الحالي.
إذن، ماذا يمكننا أن نقول لتلك المراهقة التي تريد أن تنضم إلى الفرقة لكنها لم تتمرّن بانتظام أو لم تتعلّم الموسيقى؟
أولاً، اطلبوا إذنها كي تطلعوها على آرائكم.
إذا قالت إنها مستعدة للاستماع إلى وجهة نظركم، فأشيروا بدون ان تطلقوا احكاماَ مسبقة إلى الفرق الشاسع بين ما تقول إنها تريده وما تفعله لتحقيق ذلك:
“تريدين فعلاً الانضمام إلى فرقة جاك، لكن قبل أن تخضعي لتجربة الأداء، عليك أن تتعلّمي كافة الأغاني التي يعزفونها ويغنونها وأنت لم تبدئي بعد بتعلّم هذه الأغاني. يبدو أن المسرحية بحاجة إلى وقت طويل للتمرن ولكنك عندما تعودين إلى المنزل من تدريبات المسرحية، يكون همك الراحة والاسترخاء في الغرفة وليس التمرن والدرس.”
5- ادعموا استقلاليتهم وشددوا على خياراتهم الشخصية. غالباً ما يتغيّر المراهقون عندما يدركون المشكلة بأنفسهم وعندما ينظرون بتفاؤل وايجابية إلى قدرتهم على حلّ هذه المشكلة. يمكننا أن نساعد عبر التعبير عن ثقتنا في قدراتهم وعبر التشديد على أننا لا نستطيع تغييرهم… وعلى أنّ خيار التغيير أو عدم التغيير يعود للمراهق وحده. ينصح Dahl بأن نقول شيئاً من قبيل: “يعود لك وحدك الخيار في التغيير أو عدمه . لا أريد منك أن تشعر بأنك تتعرّض لأيّ ضغط كي تفعل شيئاً رغماً عنك.”
تحتاج هذه التقنيات كلها إلى ممارسة وتدريب (بالنسبة إلي على الأقل). فالشيء الوحيد الذي أمارسه بشكل طبيعي هو إصدار الأوامر.