إن لوم الشخص الآخر هو رغبة لاواعية بموته، أي أن اللوم يعني القتل في المستويات العليا. فإذا كنت ألوم شخصاً فإن تغييره وتربيته يصبحان أمرين مستحيلين. لقد ارتقت البشرية إلى مستوى جديد من فهم ما تعني النفس. تكمن المسألة في أن قتل الشخص الذي يصر على خطيئته لا يفعل شيئاً سوى أنه يوقف احتمال اقتراف جريمة وتبقى نفسه قذرة كما كانت. لكن أنفسنا مرتبطة كلها معاً في وحدة كاملة، لذلك لا يمكن لقتل الخاطئ أن يحل المشكلة، لذلك قدمت الأديان حلاً للمشكلة:لا نحتاج للقضاء على الناقصين، وإنما علينا أن نساعدهم لكي يتغيروا عبر الحب والغفران من جهة وعبر الإجراءات الصارمة من جهة أخرى.
إن محاولة مكافحة أي مشكلة على المستوى الخارجي تؤدي دائماً إلى الفشل. فعاجلاً أم آجلاً، تتراكم القذارة في النفوس الناقصة وتأخذ في تسميم كل البشرية وتهيئها للفناء. لذلك لا يجوز أن نلوم الإنسان على أكبر الجرائم، حتى التي عوقب عليها بالإعدام. يمكننا أن نقتل جسد الإنسان عقاباً له ولكن لا يجوز أن نقتل نفس الإنسان بلومه وإدانته. علينا أن نترك دائماً وفي كل الأحوال فرصة لنفس الإنسان لكي تتطهر وتتغير.
ما العمل عندما لا يعجبنا ما قمنا به نحن أو ما قام به الآخرون؟ يجب توجيه الطاقة ليس للندم والحسرة على الماضي، بل يجب توجيهها لتغيير المستقبل. إن المشكلات الخارجية مع العالم المحيط تدفعنا إلى مزيد من التطور، بينما المشكلات الداخلية قد تقودنا إلى الانحطاط والموت.
اللوحة : Goya_Paintings