من جهة، تفرض الأديان السماوية اتخاذ إجراءات قاسية بحق عديمي الأخلاق. ومن جهة أخرى، تطلب منا أن نعفو عنهم دون حدود. فيما مضى كان هذا يشكل بالنسبة لي تناقضاً غير مفهوم، ثم أدركت السبب: لقد تغيرت البشرية مع توالي الأديان ونمت قدرتها على تطوير الإنسان. لم يعد هناك حاجة للقتل.
إن مفهوم الغفران أصبح هو المحافظة على حب الإنسان الذي يسلك سلوكاً غير لائق، وفي الوقت نفسه القيام بإجراءات قاسية ضده ليس لتدميره ولكن لمساعدته على أن يتغير. لقد أصبح أمام كل شخص فرصة للتحول والانتقال إلى حالة جديدة، والإجراءات القاسية يجب ألا تعزل هذا الشخص عن الآخرين بل على العكس عليها أن تساعده ليلحق بهم.
لقد كان الشخص الذي يتمتع بمعرفة سامية في الهند القديمة،يعطيها لسلالته حتى الجيل العشرين أو الخمسين وحتى السبعين. لقد تزايدت الطاقة الداخلية للبشرية تدريجياً مع تعاقب الأديان. في البداية،أتيحت الفرصة حتى للغريب أن يعتنق التوحيد، ولكن كان يجب القضاء على أولئك الذين لم يلتزموا بالتعاليم الإلهية. ثم أصبحت هناك إمكانية لكل شخص كي يتطور عن طريق الالتزام بالوصايا الأخلاقية وتنمية الحب لله. أما إذا رفض الإنسان وأراد أن يحافظ على حالته الحيوانية، فإن الإجراءات القاسية بحقه تكون مبررة، ولكن هذه الإجراءات أصبح هدفها الآن تربيته وليس القضاء عليه.
اللوحة: Goya War Paintings