بهدف تطوير عاطفة الحب بين شخصين، لا بد من علاقة اختلاط ومعاشرة. وفي الوقت نفسه، ولكي لا تؤدي تلك العاطفة إلى انصهار كامل وموت الروح، يجب ترك مسافة داخلياً مع الشخص المحبوب.
في الحب يحصل لذة وألم وفقدان معاً. في الحب يأخذ الإنسان ويعطي في الوقت نفسه. إن التحام متناقضين اثنين لا يمنح إمكانية للحب كي ينمو. في العشق والغرام تنمو المتناقضات وتسعى لطرف واحد فقط. يهدف العشق لتحقيق اللذة والأحاسيس الإيجابية فقط. وكلما كبرت الشهوات كانت ردة الفعل والتفاعل أكثر عنفاً. أثناء الجري وراء الشهوات يمتنع الشخص عن العطاء ويهمه الأخذ فقط. بالنسبة إلى مثل ذلك الشخص، العلاقة مع الآخرين عبارة عن عذاب دائم. إنه يحاول الهروب من الألم ولكنه لا يستطيع. لذلك تراه يهرب إلى حيث لا توجد آلام بل توجد متع دائماً.
إذا لم تهتم المرأة بالسعي للتقرب من الله وفضلت التعلق بالمحبوب، أصبحت شديدة الغيرة والغضب وميالة إلى الاكتئاب. عندما يتعقد وضعها بالشبق والإدمان على المشروبات الروحية،عندها تأخذ عملية فساد الروح منحى متسارعاً.
هل تعلمون كيف يظهر في اللاوعي موت أحد المقربين منا؟ إنه يظهر على شكل تدمير للمحبة الإنسانية وللمصير وللمستقبل. كلما كان الارتباط الداخلي بالمحبوب أقوى،أصبح احتمال ارتكاب الذنوب أكبر،وكذلك الابتعاد عن الله ومرضاته. سوف تظهر معصية الله على شكل أسف على الماضي،وعدم تقبل ما حصل. وكذلك على شكل رفض وعدم ارتياح للمصير وللقدر واكتئاب وعدم رغبة في العيش.
يشكل الحب خطراً عظيماً بالنسبة للإنسان غير المؤمن. كلما كان حبه عميقاً كان تعلقه بالإنسان الذي يحبه كبيراً. وبالتالي سوف يصبح عدوانياً جداً تجاه المحبوب وتجاه نفسه.
الكثيرون يعتقدون أن ترك طقوس العبادة هو من الذنوب الكبيرة. لكن في الكون يعدّ أعظم ذنب هو الشرك بالله وعدم محبته، وبالتالي عدم القبول بمشيئته. أما بقية الممارسات الأخرى، من كلام وأفكار وطقوس، فإنها تضعف أو تقوي تلك العملية.
تذكروا روميو وجولييت. لماذا تعتبر قصة هذين الشابين العاشقين هي الأكثر مأساوية؟ لأن تلك القصة تعكس انحطاطاً روحياً لإنسانين شابين. تعبّر تلك القصة عن مصير الحضارة الغربية نفسها. هذا الحب ولد وسط الخوف، ليس الخوف من الخالق، بل الخوف المتولّد من المكر والغدر البشري الذي يعكس غريزة حيوانية. بالنسبة لروميو وجولييت، كانت السعادة البشرية، أي اللذة والمتعة الجسدية والنفسية، أهم بكثير من عاطفة الحب. لذلك نجد أن كلاً منهما قتل نفسه دون تفكير لعدم قدرة أي منهما على تحمل فقدان الشخص الذي يحب. لقد جعلا من الجسد الهدف الأعلى وهو مغزى الحياة، ووضعا الجسد على منصة التقديس وأخذا يعبدانه دون أن يشعرا أن هذا يقتل الروح. لقد طغى الشكل على المضمون ودمره.