عندما يخرج الحب من النفس، تبدأ الأمراض والمصائب، وبعد ذلك تتوقف حياة الإنسان أو الشعب أو الحضارة. هذه العملية تؤدي إلى الموت عند الحيوانات، أما الإنسان فيمكنه تلافي الموت وبدء مرحلة جديدة من التطور على حساب تغيير طبعه وعقيدته. وكلما ازدادت إمكانية التحول والتغيير نقصت الحاجة إلى الموت كوسيلة للتطور. لذلك فالمجتمع الذي يهتم بأخلاقيات المواطنين يساعدهم في تجاوز ميولهم وعيوبهم،ويعاقب بقسوة على الجرائم الأخلاقية.
إن المجتمع الذي يكون فيه المؤمن والأخلاقي رابحاً ومحترماً، والوغد واللاأخلاقي خاسراً، يحافظ على بقائه ويتقبل، بسهولة ودون عوارض مرضية، الطاقة الجديدة الضرورية للبعث. أما المجتمع الذي يتراجع فيه الدين والأخلاق إلى الصف الأخير، وتتقدم النقود والرفاهية وإرضاء الشهوات إلى الصف الأول، فيمكن أن يبقى حياً فقط عن طريق الأمراض والحروب والكوارث. في هذه الحالة تكون المصائب إنقاذاً لذلك المجتمع.
من يصر على خطاياه بعناد،يجب أن يعاقب بقسوة. هذا فقط قد يساعد نفسه. لنتذكر المثل :” للذكي الكلمة، للأحمق العصا”. الحربان العالميتان الأولى والثانية، اللتان اندلعتا في القرن الماضي، كانتا شبيهتين جداً بالعصا التي شرحت لنا أننا لم نكبر إلى مستوى فهم الكثير من الحقائق. وبالأصح، أننا ضيعنا ذلك الفهم.