من الضروري أن ترى في نفسك نزعتك لاعتبار نفسك أرقى من الآخرين ومعاملتهم بتعال ٍ. إن هذه النزعة موجودة في كل شخص، وأكثرية الحالات التي تظهر فيها هذه النزعة بوضوح هي عندما تتحدث مع طفل أو مع شخص تعرض للفشل، أو عندما تتحدث مع شخص ينتمي إلى طبقة اجتماعية أخرى، أو عندما تتحدث مع مسكين كأن يكون سكيراً أو متسولا ً، ففي هذه الحالات تظهر هذه النزعة بوضوح. وما إن تتعرف على هذه النزعة في نفسك وتشعر بها، حتى يصبح في مقدورك أن ترى كيفية تأثيرها عليك عند تعاملك مع الأشخاص الآخرين من أقاربك وأصدقائك ومعارفك، رغم أنها ستكون أخف في هذه الحالات لكنها موجودة حتماً.
حاول أن تشعر بهذه النزعة في كل مرة وأن تعرضها للشك، فاسأل نفسك:” هل أنا فعلاً أرقى من هذا الإنسان؟ فكل إنسان هو مخلوق فريد، وفي كل إنسان توجد مواهب خاصة به، وكل إنسان يحتل موقعه الخاص به، والحياة عبارة عن تنوع يتلقى فيها كل إنسان دروساً خاصة به، فهل أنا فعلا ًأرقى منه؟”. وبالتدريج ستبدأ بطرح هذا السؤال عندما تنظر إلى جسمك في المرآة في حال كنت تتساءل أي جزء منه هو الأهم، ثم تطرح هذا السؤال عندما تنظر إلى الطبيعة وإلى كل الأحياء من حولك. ومع الزمن ستتخلص من هذه النزعة.
عليك أيضاً أن ترى في نفسك ميلك الخاطئ لتصنيف الأمور والأشياء على أساس ” أفضل وأسوأ”. فكيف بمقدورك أن تعرف مدى سوء حالتك إذا لم تكن تشعر قبل ذلك بحالة جيدة وبالعكس؟ وكيف بمقدورك أن تعرف أنك فقدت شيئاً إذا لم تكن قبل ذلك قد حصلت عليه وبالعكس؟ وكيف بمقدورك أن تعرف أنك تشعر بألم إذا لم تشعر براحة قبل ذلك وبالعكس؟ فالأفضل يغذي الأسوأ والأسوأ يغذي الأفضل، لذا فلا فرق بينهما أبداً، فأنت تعرف أنه هناك شيء أفضل فقط لأنه يوجد شيء أسوأ. إن الأفضل موجود فقط بفضل الأسوأ، فحاول عند تعاملك مع الأشياء أن تسأل نفسك دوماً:” أين الأسوأ وأين الأفضل؟” والزمن كفيل بأداء عمله.
إذا أدخلت هذه الاختبارات إلى داخلك، فإن أفكارك وكلماتك ونبرة صوتك وحركة جسمك وأحاسيسك ووضعية جسمك وأفعالك، كلها ستمر عبر هذه الاختبارات وكأنها تمر عبر الغربال. وعندها ستبدأ في داخلك عملية توحيد المتناقضات