عندما تبدأ برحلة بحثك عن الحقيقة ولماذا تقع دائماً في نفس المشاكل ولماذا تقبل بالعيش في واقع لا يرضيك، فإنك بلا شك ستتعرف على شيء يدعى المتعة السلبية. فالإنسان بطبيعته ميال تجاه البحث عن المتعة والحصول عليها، فنحن خلال حياتنا نحاول أن نقوم بالأشياء التي تجلب لنا المتعة وبعد الموت نسعى للوصول إلى الجنة التي ينتظرنا فيها النعيم.
ولكن المتعة، ككل شيء في هذا الكون، تنقسم إلى قسمين: متعة إيجابية ومتعة سلبية. فعندما تتدفق الطاقة الإبداعية مباشرة دون أن يعيقها شيء للتعبير عن نفسها، فإننا نشعر بمتعة إيجابية، وهذه المتعة لها جذورها في عاطفة المحبة والشعور بالتوحد مع العالم. أما المتعة السلبية فهي تبدأ عندما تتم محاصرة الطاقة الإبداعية ومنعها من التدفق، وهي مرتبطة مباشرة مع الشعور بالكراهية والانفصال عن العالم. فكيف يحدث هذا؟
مثلاً إذا تعرّض الإنسان في طفولته للضرب في كل مرة يحاول فيها إظهار استقلاله واعتماده على نفسه، كأن يذهب بمفرده إلى مكانٍ ما أو يخرب غرضاً قيّماً من أغراض أهله وهو يقوم بعملٍ ما. عادةً يكفي الإنسان أن يتعرض لحادثة او اثنتين من هذا النوع كي تحدث محاصرة الطاقة الحيوية المبدعة في الأطراف، فيستنتج الإنسان أن أفعاله يمكن أن تؤدي إلى نتائج ليست لمصلحته، وعندها يتشوه الدافع الإبداعي أو يتوقف نهائياً.
وبما أن الإنسان دوماً يبقى إنساناً فإنه سيبدأ باستخلاص المتعة من هذا الوضع حتماً، فهو سيتعلم كيف يحصل على المتعة عندما يمرض وعندما لا يحصل على الاعتراف وعندما يهجره أصدقاؤه وأقاربه وعندما يشعر بسوء في حالته، وعندما يفشل في تحقيق أمر ما أو يفشل في كل شيء، وعندما لا يقوم بأي شيء وعندما يفشل في علاقاته مع الجنس الآخر وعندما يتعرض للإساءة أو الضرب، وعندما يُطرد من عمله وعندما لا يدفعون له راتبه و…الخ.
إذن إذا لاحظت أنك عالق في وضع ما لفترة طويلة،وإذا تكرر هذا الوضع في حياتك بشكل مستمر، فهذا يعني أنك تجد متعة في أعماق نفسك في هذا الوضع حتى لو كان يؤذيك.
عندما أخبر الناس العاديين بهذا فإنهم يعبّرون عن استنكارهم ويعترضون بشدة قائلين:” كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ فأنا أعاني بشدة”. لكنه رغم هذا يحدث، فبدلا ًمن الرفض والاعتراض، حاول أن تبحث عن هذه المتعة الخفية. ستلاحظ أنها تختبئ وراء الثرثرة الدائمة التي يقوم بها عقلك وهو يخبرك أنك تشعر بالسوء وتعاني، كما قد تختبئ خلف الأوهام والأحلام التي تخبرك أنك ستكون بحال أفضل يوماً ما، وهي من صنع عقلك أيضاً.
يمكنك أن تطرح السؤال التالي على نفسك:”حسناً، لقد اكتشفت متعتي السلبية، وماذا بعد؟”. عليك عندئذ أن تتعايش مع متعتك السلبية وتتأثر بها وتتقبلها حتى تستطيع التحرر منها. وعندما ترى الروابط المتبنة التي تربطك بها المتعة السلبية، وكيف تسعى مجدداً ولمرات كثيرة نحو الشعور بها، وكيف تحصل على المتعة من خمولك وسلبيتك، وعندما ترى كم هو ممتع أن تشفق على نفسك، عندها ستتخذ القرار الصائب