إن التعامل مع الحقيقة عمل مجهد جداً، لكن ليس أمامك من حل آخر سوى أن تبدأ باكتشاف الحقيقة عن نفسك، فإما أن تستمر بخداع نفسك وخداع الآخرين بخصوص أنك جيد ومتفهم ومتطور فتخلق صورة ذهبية لنفسك تقوم برعايتها ليلاً نهاراً، أو أنك ستقوم بالنظر خلف قناعك لترى وجهك الحقيقي. فهل أنت مستعد لذلك؟ إذا قلت نعم فعليك أن تستعد لأنك ستصطدم بأمور مزعجة جداً، فالصفات السيئة موجودة في طبع كل إنسان وأنت لست استثناءً، وهذا الأمر ليس مخيفاً لأن الأمر المخيف فعلاً هو عندما يرفض الإنسان التعامل مع داخله رفضاً باتاً.
فإذا وافقت على التعامل مع الأمور الموجودة في داخلك وإذا تقبلتها، فإنك تدريجياً ستتعرف على الأمور التي تنكرها في نفسك وستبدأ هذه الصفات في طبعك بإظهار نفسها. وعندما لا تحاول أن تهرب منها بل تتأثر بها حتى النهاية، فإنها تغادر حياتك إلى الأبد، لأن الصفات التي تنكرها وتحاول قمعها وتقييمها سلبياً، تنمو وتزداد قوة،فتصبح في النهاية واضحة للعيان. وهذا يعني أنك ما إن تقول لنفسك ” سأصبح جيداً ” حتى تتشكل في داخلك آلياً نزعة لأن تكون سيئاً، وإذا قررت أنك ستعيش حياة شريفة، سوف تتشكل في داخلك رغبة في الخداع، وإذا كررت لنفسك أنك ستبدأ بمزاولة حياة نشيطة والابتعاد عن الكسل، فسوف تتشكل في داخلك حالة تحرمك من قوتك وتوقعك في كسل أشد.
جميعنا تعرضنا لحالات فوجئنا فيها بوجود وحش يختبئ خلف قناع الأخلاقية والإنسانية، كما أننا فوجئنا أكثر من مرة باكتشافنا صفات إنسانية رائعة عند أشخاص يعيشون حياة سيئة وغير أخلاقية. المأساة هنا أن الناس لا يطبقون هذه المعارف على أنفسهم أبداً وأنت لست استثناء.