من الصعب جداً أن تلاحظ كيف يخلق عقلك الواقع المحيط بك، فلكي ترى ذلك أنت تحتاج إلى الوقت والعمل على نفسك. ولكنك إذا فهمت أن “الخارجي يساوي الداخلي” فستفهم أن عقلك يخلق كل ما تراه حول نفسك، وبالتالي فإن كل ما تراه حول نفسك هو لك (بمعنى أن هذا العالم امتداد لك وأنت امتداد له).
في كل مرة أتعامل فيها مع “الأنا” أقف مندهشاً أمام تحايله، فعندما تفكر أن هذا العالم استمرار لك وكل شيء فيه هو ملكك، انتبه إلى الاستنتاج الذي يستخلصه “الأنا” من هذا الوضع وما هي الأفعال التي ستتبع ذلك. لقد حزرت! فالأنا يفكر أنه طالما كل شيء يعود إليه فإنه يجب أن يستحوذ على كل شيء، فهذه هي طبيعته، فهو يريد كل شيء لنفسه وبأكبر قدر ممكن.
ولكن دعنا ننظر إلى الأمر من جهة أخرى. تخيل جسم الإنسان وإحدى خلاياه. فهل هذه الخلية بحاجة لشيء ما؟ بالطبع هي ليست بحاجة لشيء لأن الجسم يقدم لها كل شيء. فمن مصلحة الجسم أن تحصل الخلية على كل ما تحتاجه للحفاظ على قواها وصحتها، وإلا فإن الوهن سيصيب الجسم كله. وعندما تمرض الخلية يقوم الجسم بتشغيل نظام الحماية فيه ليتم شفاء الخلية، وإلا فإنه يقوم بالتخلص من هذه الخلية كي لا تمنعه من الحياة. فهل أنت مقتنع بأنك خلية أو جزء من هذا الكون؟ لا يترك لك المنطق غير الجواب ب” نعم أنا خلية من هذا الكون”. وبالتالي فإن الكون في كل لحظة من الزمن يمنح كل فرد منا ما يحتاجه للاستمرار وللتطور. لهذا فإن كل ما تحتاجه يقدمه لك الكون فوراً وأحياناً قبل وقته. لا شك أنك لاحظت كيف تأتيك بعض الأشياء وبعض المناسبات ثم تدرك فيما بعد أنك كنت بحاجة لذلك فعلاً.
ومن جهة أخرى قد تتمنى شيئاً ولا تحصل عليه، ويدوم أحياناً هذا الوضع لسنوات طويلة،فإذا كنت مدركاً أنك جزء من هذا الكون فإنك عندها ستتعامل مع هذا الوضع بصبر وهدوء. فكما يعرف الجسم ما تحتاجه الخلية في اللحظة الحالية، كذلك يعرف الكون بصورة أفضل أي حاجات يجب أن تلبى وأيها لا.