الزراعة العضوية وتُسمّى أيضاً الزراعة “البيولوجية”، وهي أقدم طريقة عرفها الإنسان في الزراعة وليست صيحة عصرية جديدة مخصصّة للميسورين من الناس.
ما أهميّة المأكولات العضوية بالنسبة لصحة أولادكم وكيف يمكن أن تؤذي المزروعات الأخرى صحتهم على المدى الطويل؟
إنها الطريقة التي زرع بها أجدادنا الأرض قبل أن تقدم لهم التكنولوجيا الآلات الزراعية التي تعمل على المحروقات ومجموعة من
المبيدات والأسمدة الكيميائية التي تزيد كمية الإنتاج وتحميه من الآفات الزراعية.
إنما لا يكفي أن تتمّ الزراعة من دون أسمدة ومبيدات كيميائية لتأتي إنتاجاً عضوياً.
فالزراعة العضوية هي خطة زراعية كاملة شاملة تحافظ على خصوبة التربة والتنوّع البيئي وتوفّر الغذاء الصحي والمفيد للإنسان
كما للحيوان الذي يتحول بدوره إلى غذاء صحي للإنسان,
أي أنها تحترم السلسلة الغذائية الطبيعية حيث تطعم الأرض المواشي والمواشي تؤمّن السماد العضوي للأرض التي بدورها تطعم المواشي.
والإنسان يستفيد من هذه الدورة لأنه ياكل المزروعات واللحوم الصحية.
أثناء الحرب العالمية الثانية أنتجت التكنولوجيا الحربية كيميائية مستخرجة من البترول تبيّن لاحقاً أنها “مفيدة” للزراعة.
منها مادة نيترات الأموينوم التي كانت تستخدم لصناعة الزخائر وتحولت إلى سماد “مغذٍّ”، ومادة الفوسفات العضوي الذي يستخدم لصناعة غاز الأعصاب وتحول إلى مبيد للآفات!
وحتى الأن تطرح في الأسواق أسمدة ومبيدات خطرة على البيئة وعلى صحة الإنسان.
ربما كانت تلك المواد مفيدة للمزارع الذي يبتغي الربح طبعاً، لكن تبقى المشكلة في مدى تقيّد المزارعين والشركات الزراعية
الكبرى بالتوصيّات المتعلقة باستعمال تلك المبيدات والمحاذير التي ينبغي أن تؤخذ في الحسبان.
فبعض المواد الكيميائية المبيدة للحشرات يحب أن ترش حتى يتسنّى للهواء والشمس أن تفكك تلك السموم قبل أن تصل إلى الصحة.
لكن هل يستطيع أحد أن يضمن تنفيذ هذه التعليمات؟
إن المنتجات الزراعية تخضع دائماً للمعالجة بمواد كيميائية تعتبر في بداية طرحها في الأسواق سليمة غير مضرّة ثم لا تلبثت أن تُسحب من السوق بعد أن تثبت خطورتها.
وهذه حال مادة الـDDT, وهي الآن ممنوعة في الولايات المتحدة وأوروبا لكنها ما زالت مستخدمة وبكثرة في الدول الفقيرة ودول العالم الثالث.
أما في الزراعة العضوية فالمزارع “يزرع” الأرض ولا “يستثمرها” وهو لا يستخدم أي مبيد أو سماد كيميائي مصنّع، ولا بزور أو شتول معدّلة جينياً OGM ولا أية هرمونات لتغذية حيواناته التي تغذي الأرض والإنسان.
ولا تستعين الزراعة العضوية إلا بالوسائل الطبيعية لحماية المزروعات وتغذيتها.
لتسميد الأرض يلجأ المزارعون إلى روث المواشي والدواجن وأوراق ولحاء بعض أنواع الشجر, أما لمكافحة الآفات فيستخدمون بأنواع من الحشرات تقضي على تلك المؤذية دون أن تؤثّر بالمزروعات أو يرشون مزروعاتهم بمواد طبيعية.
لماذا ينبغي أن نختار منتوجات الزراعة العضوية لعائلتنا؟
إن منتجات الزراعة العضوية أفضل للصحة، وقد أكدّت ذلك دراسات كثيرة. صحيح أن المواد الكيميائية منتشرة في البيئة عامة
بحيث لا نستطيع الجزم بأن المنتجات الطبيعية العضوية تخلو تماماً من تلك المواد، إلا أنها إذا تواجدت فيها فبكميات ضئيلة جداً تكاد تكون عديمة التأثير.
أي أنكم باعتماد المزروعات العضوية تخفّفون كثيراً من المواد السامة التي تدخل أجسامكم عن طريقة الطعام.
ويبدو أيضاً أن المنتجات العضوية غنية أكثر بالفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الضرورية للصحة، وقد أثبتت دراسات كثيرة أن
المنتجات العضوية تحتوي نسبة أكبر من الفيتامين C والمعادن وبخاصة الحديد والمغنيزيوم.
ويعود السبب في ذلك إلى ان تلك المزروعات تأخذ وقتاً أطول لتنمو. وتحتوي أيضاً على نسبة أكبر من الألياف وكمية أقل من الماء.
كما تحتوي المزروعات العضوية كمية أكبر من مادة البوليفينول التي تقي من السرطان ومن أمراض القلب.
فالنباتات مجبرة على حماية نفسها بنفسها ضد الآفات والاعتداءات الطبيعية وبالتالي فهي تكوّن تلك المادة لتحمي نفسها أما النباتات التي تتغذّى بالمواد الكيميائية وترشّ بالمبيدات فتتأثر عملية الايض لديها وتضعف.
الزراعة العضوية مفيدة جداً للأطفال والأولاد. فمن المعلوم أن السموم تتراكم في الجسم منذ الصغر حتى تبلغ كميات خطيرة تستطيع أن تسبب المرض.
يبدو أن الزراعة المكثفة الحديثة تسبب الحساسية للبعض وينتج عنها أنواع جديدة من الحساسيات والأمراض (بفعل التعديل الجيني والمواد الكيميائية).
الزراعة البيولوجية العضوية تضمن الحفاظ على البيئة لأنها تحترم دورتها الطبيعية ولا تلوّث التراب والهواء والمياه الجوفية وتؤمن الطعام اللذيذ والصحي للحيوان والإنسان.
وهي إلى ذلك تؤمن العمل لعدد أكبر من المزارعين وتبقيهم في أرضهم.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الناس يعتقد أن أسعار المنتوجات العضوية أغلى ثمناً, وهذا صحيح نسبياً ولكن الامر يستحق العناء.
فما تدفعونه على غذاء صحي توفّرونه في فواتيركم الصحية.