يريد كل منا أن يصبح سعيداً بأسرع ما يمكن. وتؤمن غالبية الناس أنه كلما كانت الانفعالات الإيجابية أكثر لدى الإنسان، يكون أكثر سعادة. ولا يخطر ببال أحد أن السعادة تشمل رفض الرغبات وليس تحقيقها فحسب. لنتصور شخصاً جلس إلى طاولة حافلة بطعام لذيذ وبدأ بالأكل. في هذه اللحظة هو يعيش في انفعالات لذيذة.إلا أنه إذا استمر في ابتلاع الطعام دون توقف فسوف تصبح انفعالاته الإيجابية بالتدريج سلبية، وإذا لم يتوقف في الوقت المناسب سوف يصاب بانسداد الأمعاء وقد يموت. علينا كلنا أن نعرف حقيقة بسيطة: يجب النهوض عن الطاولة دون الشبع، أي أن نرفض المتعة قبل بلوغها الذروة. .
تدعو كل أديان العالم للتقشف والزهد في محاولة لكبح السعي الإنساني نحو الانفعالات الإيجابية بشكل متواصل. يسيطر في عصرنا هذا، عصر تراجع الأديان وضعفها، مجتمع الاستهلاك في العالم. شعار الكثيرين في هذه الأيام، البحث المتواصل عن المتعة. لكن ضياع المثل الأخلاقية والتربية الصحيحة في العالم غالباً ما يشكل عقبة لا يمكن تخطيها. أنا أفهم رغبة الناس في الحصول على نصائح مفيدة لكي يجعلوا أنفسهم أصحاء وسعداء، ولكن لا تعمل أي نصيحة عملها مهما كانت صحيحة إذا لم يكن للإنسان عقيدة صحيحة، فالصورة الناقصة أو المشوهة للعالم تؤدي إلى نقض القوانين الإلهية وتشوه نفس الإنسان.
المبدأ الأساسي للكون هو الوحدة المطلقة والعلاقة مع الله كرمز لهذه الوحدة. يولد فرط الشغف بخيرات العالم المحيط العدوانية الداخلية ويؤدي إلى الابتعاد عن الله. لقد حاول كثير من الناس أن يغيّروا طباعهم اعتماداً على دراساتي، وبدأوا بالتغيّر، وحتى أنهم تمكنوا من الشفاء من أمراض خطيرة. وقرروا عند ذلك أنهم يجب أن يغفروا للجميع وعند ذلك سيصبحون أصحاء وسليمين، وحصروا كل عقيدتهم بهذا. لكن الغفران هو الخطوة الأولى نحو الله فقط.