عندما تنصح شخصاً ما بقبول الأمور الموجودة في داخله، والتي يرفضها، يستيقظ في داخله شعور واضح بالخوف والرفض. فهو يخشى من أن تقبّله لهذه الأمور سيجعله على شاكلة الذين يقومون بها فيصبح بقية حياته مثلهم. فمثلاً إذا نصحت شخصاً طبيعياً بأن يتقبل غريزة القاتل في نفسه، فإنه ينفر منك وينظر إليك على أنك عدوه .
عندما ترفض وجود أمر ما في نفسك فهذا يعني أنك غير راغب بالنظر إلى الحقيقة، ويعني أيضاً أنك لا تسمح لها بالوجود. فإذا كنت لا تسمح لأمر ما بالوجود فإنه يختفي آلياً من حقل بصرك الداخلي ويظهر في الخارج، لأن العالم الخارجي يعكس حالتك الداخلية.
متى تستطيع ان تتقبل ؟ فقط عندما تعرف، فمعرفتك للشيء تجعله يفشل في فرض سلطته عليك، لأنك ستلاحظ دائماً محاولات كهذه فتسيطر على الوضع.
إن قبول شيء في داخلك لا يعني أنك ستصبح كذلك وأنك ستعيش هذا الأمر في حياتك. إن قبولك للشيء الذي ترفضه وتقيّمه تقييماً سلبياً، سوف يدخل الحب والسلام إلى حياتك.
إن كل الأشياء الموجودة في حياتك الآن هي نتيجة لدخول أفكار معينة إلى رأسك في فترة ما وتجذرها فيك، فأنت قد بدأت تفكر بها ثم تشبهت بها، وهذا تمّ من دون أن تنتبه، فلا سبيل إلى ملاحظة ذلك إلا إذا توقفت للنظر إلى داخل نفسك. فالأفكار التي أدخلتها أصبحت أفكارك، ثم تطورت وبدأت تظهر في العالم المحيط بك، لأن العالم المحيط بك يعكس الأمور الموجودة في داخلك بكل تفاصيلها. وليس عليك إلا الجلوس والنظر ببساطة إلى داخلك. يسمح لك هذا مع الزمن باتقان عملية قطع الأفكار في مرحلة نشوئها، ويتطلب هذا الأمر على الأقل سبع سنوات.
ومن الضروري من أجل هذا أن تحافظ على التيقظ والانتباه لما يحدث في داخلك، فلو نظرت مرة إلى ما يحدث في داخلك، لكنت لاحظت أنك، وقبل تشكل الفكرة، تعرف مسبقاً باقترابها وبما تحتويه تقريباً. وفي هذه اللحظة يمكنك قطع الفكرة بلا إكراه.
اللوحة: Salvadora Dalī – gleznas