ألقِ نظرة على حياتك. إنها صراع بحت، فالأولاد يصارعون أهلهم، والأهل بدورهم يصارعون أهلهم ورؤساءهم ومديريهم، والمديرون يصارعون العمال والموظفين، والحكومة تصارع المواطنين. كل شيء يصارع بعضه البعض، كأنما هناك دورة مصارعة في الطبيعة.
هناك مبدأ عام اسمه “سأفعل العكس” سببه شعور الانفصال عن العالم الخارجي. فأنت تقول لنفسك ما يلي:” إذا كانوا ينتظرون مني شيئاً ويطالبون ويضغطون عليّ فإنني سأفعل العكس”. لكن الشيء نفسه يقوله لأنفسهم أولادك وأقاربك، لذلك لا تستغرب عندما تحدث أمور غير مفهومة في علاقتك معهم. فعندما تكون على قناعة بأن هذا العالم عدواني، فأنت تدافع عن نفسك ضده بشتى الوسائل الممكنة، وهكذا أنت تحمي نفسك من المقربين منك، وبالتالي هم أيضاً يدافعون عن نفسهم منك.
المسلي في الأمر أن المقربين منك على وجه الخصوص يظهرون بصورة الخصم الأكثر خطورة، فما في الخارج يعكس الداخل، وكل شيء يجذب ما يشبهه. ولكن الوضع الأكثر طرافة هو أن مبدأ “أنا سأفعل العكس” يطبق تجاه النفس أيضاً، فعملياً كل إنسان يقول لنفسه :” إذا كنت أنتظر شيئاً من نفسي فإني سأفعل العكس”. إن روح التناقض تسكن في قلوب الناس.
إن المخرج الوحيد من هذا الوضع، علماً أنني لم أجد غيره، هو أن تمنح نفسك حرية الاختيار. فإذا أردت أن تزيل المقاومة والصراع بينك وبين شخص آخر، فعليك إن تمنحه كذلك حرية الاختيار، وأن تحترم اختياره. وسيساعدك ذلك في عدم التعالي على الآخرين وعدم اعتبار نفسك الأذكى، كما سيساعدك ذلك في أن تتعلم احترام درب الشخص الآخر وفي ألا تنسب لأفعاله أية تقييمات مثل أسوأ وأصعب وما شابه ذلك.
عندما تسمح لنفسك بحرية الاختيار، يختفي التوتر والمقاومة بين “الأنا الأعلى” الذي يسعى للاتحاد مع الكون، وبين “الأنا” الذي يسعى للانفصال، وعندها يفقد “الأنا” الدعم في صراعه ويتحول إلى نفس الاتجاه الذي يتخذه “الأنا الأعلى”. ف”الأنا” يحيا ويتطور على حساب الصراع، وعندما يغيب أحد طرفي الصراع، يتوقف القتال ذاتياً.